فازت الصين بالانتخابات الأميركية

نشر في 15-11-2016
آخر تحديث 15-11-2016 | 00:00
 فوراين بوليسي يتطلع القادة الصينيون إلى رئاسة ترامب التي ستشمل مقاومة أقل ورياء أكبر، لكن انتصار بكين قد يكلفها الكثير في نهاية المطاف.

حققت القيادة الصينية أربعة انتصارات في هذا المجال لم ينغصها سوى خوف واحد: الانتصار الأول واضح. ما عادت الصين تواجه احتمال التعاطي مع هيلاري كلينتون، التي تُعتبر خصماً قوياً واسع الخبرة يتمتع بتاريخ طويل من التصدي للتنمر، وبدلاً من ذلك ستواجه نجماً من نجوم تلفزيون الواقع يفتقر إلى الخبرة، يبدو غافلاً عن أن الصين تملك أسلحة نووية، وعد بسحب المال من حلفاء الولايات المتحدة المجاورين للصين مثل كوريا الجنوبية واليابان، وقلل مراراً من مصداقية الولايات المتحدة كشريك دفاعي، علاوة على ذلك ينتمي ترامب إلى رجال الأعمال الذين يسهل على الصين استمالتهم لأنهم سذّج يركزون على مظاهر الثراء ويتأثرون بسرعة بالإطراء، فيكفي أن يقوم بزيارة واحدة يُبرز خلالها الصينيون سحرهم ليصبح معجباً بحكام الصين المستبدين بقدر إعجابه ببوتين في روسيا.

جاء الانتصار الثاني في المنافسة بين الاستبداد والديمقراطية، إذ يعتبر الصينيون أن النظام الانتخابي الذي يؤدي إلى وصول شخص مثل ترامب (لا يملك أدنى خبرة في الحكم، إلا أنه ديماغوجي ماهر) إلى سدة الرئاسة سخيف، فهو أشبه باختيار مدير شركة كبيرة خلال سباق للخيل. في الصين من الضروري أن يُختار القائد بدقة، يُطوَّر، ويُمتحن، مكتسباً الخبرة في كل مستويات نظام الحزب الشيوعي قبل أن يفوز بمنصب رفيع. أعرب ترامب عن إشارات كثيرة تُظهر أنه سيحكم على غرار الحكام المستبدين الذين تفضلهم الصين من ميانمار إلى زمبابوي، ولا شك أن بكين ستستغل كل تهديد أمني مَرَضيّ أطلقه، من حظر هجرة المسلمين إلى بناء جدار على طول الحدود المكسيكية، لتبرر أعمال الظلم والقمع الكثيرة التي تمارسها.

وهكذا نصل إلى الانتصار الثالث: حقوق الإنسان. تنشر الولايات المتحدة كل سنة تقريراً عن انتهاكات الصين الكبيرة في مجال حقوق الإنسان، وكل سنة تردُّ الصين بنشرها تقريرها الخاص الذي يشمل خليطاً من التبجح الغاضب والانتقاد الحقيقي لنقاط الضعف الأميركية من تعامل الشرطة مع الأقليات إلى الهوة الكبيرة في الرواتب بين الجنسين، ولكن في عهد ترامب يبدو أن مخزون بكين من الذخيرة التي تستهدف رياء الولايات المتحدة في مجال حقوق الإنسان سيكبر، نظراً إلى روابطه الوثيقة مع المجموعات القومية البيضاء، انتهاكه المرجَّح للحقوق المدنية، والهجوم الذي يشنه هو وداعموه على مفهوم حرية الصحافة.

أخيراً يشمل الانتصار الرابع مصداقية الإعلام، فلا شك أن إجماع معظم الصحف من مختلف الأطياف السياسية على إدانة ترامب سيعزز ادعاء وسائل الإعلام الصينية أن وسائل الإعلام الغربية متحيزة ونخبوية. ولكن ثمة مصدر قلق واحد قد يحدّ من الاحتفالات في قيادة الحزب الشيوعي الصيني. صحيح أن الصين تهاجم الولايات المتحدة باستمرار، لكن المفارقة تكمن في أن نمو هذا البلد يقوم على دولة أميركية قوية، مستقرة، ومزدهرة مستعدة للمتاجرة مع العالم، فكما أشار الكتّاب الصينيون مراراً في الأشهر القليلة الماضية، تُعتبر العولمة بالغة الأهمية في بلد يحتاج إلى أسواق الآخرين كي يواصل دفع سكانه إلى الطبقة الوسطى وتحقيق حلم التحوّل إلى دولة "مزدهرة إلى حد ما" بحلول عام 2020.

إذاً، إن مضى ترامب قدماً في تطبيق خططه الحمائية، وكان لقراراته التأثير ذاته في الولايات المتحدة كما في الكثير من مشاريعه التجارية الفاشلة، فلا شك أن اقتصاد الصين المتزعزع أساساً سيهتز، فقد تنجح خطط بكين الطموحة لإنشاء شبكات تجارية عالمية أخرى من خلال مبادرة "طريق واحد، حزام واحد" في التعويض عن ذلك، أو قد يتضح أنها غير مستقرة البتة في عالم تسوده الفوضى. لطالما شُبهت الصين والولايات المتحدة بجناحَي الاقتصاد العالمي، وإذا كُسر أحدهما، فسيسقطان معاً.

* «جيمس بالمر»

back to top