مناظرة مع ملحد

نشر في 22-10-2016
آخر تحديث 22-10-2016 | 00:01
 محمد أحمد طحان سوريٌّ أنا، جُبت العديد من بلدان العرب، من المغرب إلى جدة ثم عَمان ودبي، واقتحمت أوروبا في النمسا وجارتها ألمانيا، وكذلك الدول الاسكندنافية، كالسويد وفنلندا وبعدهما روسيا وأوكرانيا.

وهذا هو واقع السوري في الوقت الحالي، بعدما غدونا «زاجلاً» لكل القارات، المهم أنني اكتسبتُ ثقافات الشعوب، وانتهى به المطاف إلى استخدمها في الكويت حيث أعمل حالياً، في لجنة التعريف بالإسلام، ولا يخفى على أحد أن هذه اللجنة قد أسلم فيها أكثر من 73.000 مهتد ومهتدية، خلال مسيرتها المجيدة، فوجدت المكان مناسباً لاستقبال غير المسلمين الغربيين في الكويت.

ذات يوم جاءني أيرلندي ملحد اسمه «داني» متعطشاً للمناظرة، وكان أمامنا قبله مهتدون من جنسيات شتى، من أميركيين وبريطانيين ومكسيكيين وإسبان، ومن غانا وتوغو وساحل العاج، لكن هذا الشخص كان مختلفاً، لم يكن يؤمن بالذات الإلهية مطلقاً. ومن ضمن العقبات أنه كان مقتنعاً بـ «فوبيا» الإسلام، وكان يرى أن الحدود الإسلامية وحشية، ويرى أن ديننا غير منطقي، فبدأت أرد على شبهاته.

كان منصتاً في انتظار ردي على ما طلبه بأدب جم من أن أشرح له قصة فرعون وموسى الإسلامية بشكل منطقي منفصل، فبدأت بشرح أن زمن الرسل كان زمن المعجزات الحسية، فكان الناس ينبهرون بمعجزات موسى، ليطهر الله البلاد من الشرك والكفر بإمداد الرسل بالمعجزات مثل بياض اليد والتهام عصا موسى لحبال السحرة وعِصيّهم، بعدما تحولت عصاه إلى حية تسعى، فاغتاظ فرعون وخاف زوال ملكه لمصر، فأراد النَّيل من موسى فطارده إلى البحر، وكانت النتيجة المعروفة نجاة موسى عليه السلام ومن آمن معه وغرق فرعون وجنده.

واستطردتُ بأنه في عام 1988م طلبت فرنسا إرسال تابوت فرعون لإجراء فحوصات عليه لمعرفة سبب الوفاة علمياً، بمعنى أنها استضافت «مومياء فرعون» لإجراء فحوصات عليها للكشف عن كيفية هلاكه، وكان ذلك في عهد رئيسها الراحل فرانسوا ميتران، وكان المسؤول عن هذا البحث التاريخي العالم موريس بوكاي، وتوصلوا بعد فحوصات عديدة إلى نتيجة أن فرعونَ مات غريقاً في البحر، حيث عثروا في لثة المومياء السفلى على بقايا ملح البحر، وعندما عرف العالم هذه النتيجة، جاءه صديق مسلم، فقال له إن حادثة غرق فرعون مذكورة في القرآن الكريم من أكثر من أربعة عشر قرناً، فأسلم موريس بوكاي؛ ثم ألف كتابه الشهير «القرآن الكريم والتوارة والإنجيل بمقياس العلم الحديث»، وأثبت أن للقرآن معجزات علمية حقيقة باقية إلى يوم الدين، فمعجزة الإسلام، هي معجزات علمية دائمة، وليست كمثل معجزات الأنبياء والمرسلين الأقدمين، معجزات حسية مؤقتة.

وبعد انتهاء المناقشة، فتحت له المصحف الشريف، لأريه الآية الكريمة ذاتها من سورة يونس: «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً، وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ»، فتعجب وذهل، واقتنع بأن هناك إلهاً لهذا الكون.

وكانت نتيجة نقاشنا الأخير في فرع المنقف للجنة التعريف بالإسلام، بإدرة المحامي منيف العجمي، أن داني أشهر إسلامه في الحال، وغيّر اسمه إلى اسم نبي الله «دانيال»، وجزى الله خيراً من أتى به إلى اللجنة.

في الختام، ديننا لا يعادي العلم، بل العلم خادمه، وكم أحزن لأن هناك شباباً مسلمين وعرباً ألحدوا بحجة أن العلم الحديث سبق القرآن الكريم، وهذا هو عين الجهل والحماقة.

back to top