الشعوب تتعلم من أخطائها

نشر في 08-10-2016
آخر تحديث 08-10-2016 | 00:09
 فواز جاسم الشيباني الظروف والأحداث السياسية المحلية والإقليمية التي عاشها الشعب الكويتي خلال تاريخه المعاصر، وخصوصا منذ إعلان الاستقلال عام 1961، كفيلة بأن تجعله أكثر شعوب المنطقة نضجاً ووعياً سياسياً، ففي مقدمة هذه الأحداث تجربة الغزو العراقي الغاشم المريرة التي مثلت درساً قاسياً جداً، وغيرها من أحداث لا يتسع المجال لذكرها.

وأزعم بأن الحدث الذي يلي حدث الاحتلال خطورة وأهمية هو ما جرى خلال السنوات الخمس الماضية من تجاذبات سياسية بين مجاميع شعبية داخل البرلمان وخارجه من جهة، وبين الحكومة ومن وقف معها من جهة أخرى، فقد كادت تلك الأحداث أن تعصف بوحدة المجتمع وتماسكه لولا فضل الله ولطفه.

وبغض النظر عن تفاصيل ما جرى، ما يهمنا هو استخلاص العبر مما حدث، وأعني بذلك الكويتيين أفراداً وجماعات وقوى سياسية، فالشعوب الحية تتعلم من أخطائها، فطرفا المعادلة على الساحة بالمسميات والتصنيفات التي أطلقت في حينها كجماعة الأزرق وجماعة البرتقالي، وفيما بعد بالمشاركين والمقاطعين، لكلٍ منهما وجهة نظره.

فإذا كان من وقف مع الحكومة وإجراءاتها ينشد الاستقرار وشعر أن مطالبات وتحركات البرتقاليين إذا جاز لنا التعبير تهدد هذا الاستقرار، واعتبروا هذا الموقف نابعا من حبهم لوطنهم، ففي المقابل كانت وطنية البرتقاليين تتجسد في السعي إلى رؤية وطن أكثر استقراراً وتطوراً بالحفاظ على المكتسبات الدستورية والدفاع عنها، وترسيخ دولة مؤسسات حقيقية وعلاقة متكافئة بين السلطات دون طغيان إحداها على الأخرى.

فبعد هذه السنوات نجد أن الطرفين يشكوان الهم نفسه ويعانيان المعاناة نفسها، فليس هناك رابح وخاسر في المعادلة، ولن ينفع لوم كل طرف الآخر وتحميله مسؤولية الأوضاع السيئة التي وصل إليها البلد، والبكاء على اللبن المسكوب لن يعيده كما كان، لذلك أمامنا مرحلة جديدة لإعادة الحسابات واستيعاب كلا الطرفين للأخطاء التي وقعا فيها ليصححاها.

فطريق الإصلاح شاق وغير مفروش بالورود، ويحتاج إلى الهمة والنفس الطويل لا اليأس والانزواء، فعلى من قاطع أن يعود للمشاركة وألا يستعجل النتائج، وحتماً سيأتي يوم تجنى فيه الثمار، وعلى من شارك أن يعي أن الثقة العمياء التي أولاها للحكومة وإجراءاتها ومخرجات المجلس الذي جاء من اختياره لم يوصلنا إلاّ إلى مزيد من الإحباط والتذمر الشعبي من أداء السلطتين.

أمامنا فرصة تاريخية مع قرب استحقاق الانتخابات القادمة في مرحلة يفترض أن تكون أكثر نضجاً ليلتقي الجميع في منتصف الطريق بحسن الاختيار من أجل الكويت.

back to top