اقتصادنا... بلا إرادة ولا إدارة

نشر في 04-10-2016
آخر تحديث 04-10-2016 | 00:15
No Image Caption
بعد أكثر من ثلاث سنوات من عمر المجلس والحكومة، مازلنا نسمع كل يوم نفس الموشح عن إعادة الهيكلة ووقف الهدر وترشيد الإنفاق... أكثر من ثلاث سنوات من عمرنا مع هذا المجلس وتلك الحكومة مضت بوعود وأقوال بلا أفعال، وقبلها سنوات وسنوات، وكأننا في دولة بلا إدارة أو إرادة، حيث لا فرق.

لم نرَ جدية تعكس حقيقة ما نسمع بقدر ما نرى شكليات معدة للاستهلاك ليس إلا؛ فقرار فواتير الكهرباء تراجعت عنه الحكومة، وكيّفه المجلس ليفقد تأثيره الاقتصادي، وتراجع كلاهما عن مضمونه ليبقياه مجرد عنوان!

المشكلة الآن لم تعد زيادة أسعار البنزين، أو التراجع عنها، أو إيجاد بدائل من الدعم للمواطن، المشكلة الحقيقية أن المواطن فقد الثقة بالسلطتين وجديتهما في التعامل مع الملف الاقتصادي الشائك للدولة، إذ لو كان هناك حد أدنى من الجدية لوجدت الحكومة من يتحمل تبعات الدفاع عنها ومسايرتها وتأييدها وتحمل النتائج، لكنها لم تقدم إجابات مقنعة في الدفاع عن قرارها، ولم تمنح المواطن حقه في معرفة مبررات الهدر الحكومي في مواقع وجوانب كثيرة من مفاصل الاقتصاد الوطني.

إن المواطن أصبح يعي ويدرك إدراكاً كاملاً أن السلطتين، في حقيقتهما، سلطة واحدة، وهما وجهان لنفس العملة، هما شريكان ضالعان متضامنان في جريمة الهدر، ولنا في قضية العلاج بالخارج برهان صارخ على ذلك... كلاهما ينادي بوقف الهدر وترشيد الإنفاق، وكلاهما في الوقت نفسه يعمل عكس ذلك، بل يتسابقان إلى الهدر القائم على الاستثناء والفساد.

كيف يمكن للمواطن أن يقبل مبدأ الترشيد بتوفير 150 مليون دينار برفع الدعم عن البنزين، وهو يرى 450 مليوناً تُصرف على السياحة العلاجية، لإرضاء نواب وناخبيهم؟ هل يلام إذا رفض ذلك؟

لماذا عجزت أجهزة الدولة، بكل وسائل إعلامها وأدواتها عن إقناع الناس بحقيقة سياساتها وتوجهاتها، وأن الترشيد سياسة شاملة، وأن رفع الدعم عن البنزين جزء من منظومة؟ وهل حددت إجراءات هذه المنظومة حتى يقتنع المواطن ويؤيدها، بل يدعمها في تلك الإجراءات؟

لقد عقدت الحكومة، بمباركة من مجلسها، اجتماعات ولقاءات، وشكلت لجاناً لها أول وليس لها آخر، لدراسة الملف الاقتصادي للدولة منذ بدايات تراجع أسعار النفط، فأين النتائج؟ هل تمخض الجبل فولد فأراً ليصبح الحل في رفع الدعم عن البنزين مع تجاهل كل منابع الهدر والتبذير والفساد التي تنخر في اقتصاد البلاد؟!

إن المنظومة الاقتصادية للدول لا تعالج بالإبر المخدرة، ولا بالمسكنات، إنها تقتضي إرادة وإدارة، وأكثر ما نخشاه أننا لا نملك شيئاً منهما.

وستبقى قصة البنزين مجرد وقود زاد النار اشتعالاً، رغم محاولات التراجع والالتفاف حول القرار... كالعادة.

الجريدة

back to top