اليوم الوطني للسعودية... شموخ ورسوخ

نشر في 22-09-2016
آخر تحديث 22-09-2016 | 00:05
 د. عبدالعزيز الفايز يحل علينا اليوم الأول من برج الميزان الموافق لـ23 من سبتمبر من كل عام ليذكرنا بيومٍ مجيد في تاريخنا الوطني، ذلك اليوم الذي توّج الملحمة الوطنية الكبرى بإعلان الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، توحيد المملكة العربية السعودية في عام 1932م. ومع حلول هذه المناسبة الوطنية الغالية على كل سعودي وسعودية نسترجع تضحيات الآباء والأجداد الذين أسسوا وساهموا في بناء هذا الكيان الكبير وشموخه، والتي تعطينا دافعاً للحفاظ عليه وعلى المكتسبات التي حققها هذا الوطن بحكمة قادته وسواعد أبنائه المخلصين.

وبعد توحيدها وضع الملك المؤسس المملكة على مشارف النهضة الشاملة التي عاشتها وتعيشها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية. وقد استكمل أبناؤه البررة من بعده المسيرة فبنوا على الأسس التي أرساها، يرحمه الله، حيث واصل أبناؤه البررة الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله، يرحمهم الله جميعاً، البناء والتطوير وتحديث المملكة في شتى المجالات متمسكين دوماً بمبادئ الملك المؤسس وقيمه، ومدافعين عن العقيدة الإسلامية، ومتفانين في خدمة الوطن والمواطن.

وفـي عهــد خادم الحرمين الشـريفـين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، يحفظه الله، تواصل المملكة مسيرة التطوير والتحديث في كل المجالات، إذ تعيش المملكة في عهده الزاهر مرحلة ازدهار وعزم على الإنجاز والتعمير والتشييد لتوفير كل سبل الرفاهية للمواطنين. فقد بدأ عهده الميمون بتطوير الهيكل الإداري مما وضع المملكة على مشارف مرحلة واعدة بالخير والرفاهية تأكيداً لحرصه، يحفظه الله، على استثمار كل الموارد الوطنية لخدمة الوطن والمواطن. وخلال الأشهر القليلة الماضية انطلقت استراتيجية التحول الوطني لتطبيق رؤية 2030م، رؤية الحاضر والمستقبل، معلنة دخول المملكة مرحلة جديدة من مراحل تطورها الاقتصادي لتنويع مصادر الدخل وزيادة كفاءة الأداء الحكومي وتوفير الرخاء والرفاهية لمواطنيها. وجاءت هذه الرؤية واستراتيجية التحول الوطني لتعبر عن طموحات القيادة ولتعكس قدرات بلادنا ولتؤكد أن مستقبل المملكة مُبَشر وواعد.

وقد استطاع، يحفظه الله، بخبرته الواسعة بشؤون السياسة والإدارة أن ينهض بالمملكة نهضة نوعية في شتى المجالات على الرغم من كل التطورات والظروف والأحداث الإقليمية والدولية التي أحاطت بالمنطقة مؤخراً مما مكّن المملكة من المحافظة على مكانتها الدولية لكونها إحدى الدول العشرين الأكثر تأثيراً في العالم سياسياً واقتصادياً.

وتواصل المملكة في عهده، يحفظه الله، الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية مسـخرة في سبيل ذلك إمكاناتها كافـة لدعم الأشقاء مما حباها الله به من قيادة حكيمة وأسس ومبادئ راسخة مستمدة من العقيدة الإسلامية والقيم العربية الأصيلة في التعامل مع قضايا الأمة، فتقود بدبلوماسيتها النشيطة الجهود المبذولة على الصعيدين الإقليمي والدولي لإحلال الأمن والسلم في المنطقة والعالم أجمع.

ومع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، دخلت المملكة في مجال السياسة الخارجية مرحلة جديدة، تميزت بالتصدي للمشاريع الإقليمية والدولية التي تريد الهيمنة وبسط النفوذ الأجنبي في المنطقة، وهي أخطار تنبه لها فبادر، يحفظه الله، إلى الاستجابة لنداء السلطة الشرعية في اليمن الشقيق فقادت المملكة تحالفاً عربياً تمثل في عملية عاصفة الحزم لمواجهة الجماعات المسلحة الخارجة على سلطة الدولة اليمنية والتي سعت إلى الهيمنة على مؤسسات الدولة في اليمن الشقيق، وجعله قاعدة للنفوذ الأجنبي، ثم تلت عملية عاصفة الحزم عملية إعادة الأمل للشعب اليمني الشقيق.

وتمارس المملكة منذ تأسيسها دورها المحوري في محيطها الإقليمي وفي المجتمع الدولي من منطلق مكانتها الإسلامية وعمقها العربي، كونها حاضنة للحرمين الشريفين اللذين يحظيان باهتمام خاص من قيادة المملكة، فقد شهد المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة أكبر عمليات التوسعة والإعمار عبر تاريخهما، إذ افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز العام الماضي المرحلة الأولى من التوسعة السعودية في المسجد الحرام لتمكين حجاج بيت الله والمعتمرين من أداء نسكهم بكل يسر وسهولة. وتتسارع الخطوات للانتهاء من مشروع مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، وكذلك قطار الحرمين وغيرهما من مشاريع البنى التحتية التي تخدم الأماكن المقدسة.

وتتويجاً لجهود المملكة في رعاية الحرمين الشريفين جاء نجاح موسم الحج لهذا العام ليؤكد أن إشراف قيادة المملكة على خطة تنظيم الحج حققت نجاحاً كبيراً شهده العالم، وكان أبلغ رد على المشككين في قدرة المملكة على تنظيم الحج.

وفي مجال العمل الإنمائي والإنساني بادرت المملكة انطلاقاً من التزاماتها الدينية والإنسانية إلى المساهمة في الأعمال الإنمائية في كل أنحاء العالم، وبلغ إجمالي ما قدمته المملكة خلال العقود الأربعة الماضية نحو 139 مليار دولار أميركي. وقد توجت تلك الجهود العام الماضي بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.

وتضطلع المملكة بدور رئيس في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة مواصلة تصديها لظاهرة الإرهاب التي كانت هي من أوليات الدول التي عانته، حيث فقدت عدداً من أبنائها شهداء في العمليات الإرهابية، ولكن المملكة تمكنت بفضل الله ثم بفضل القيادة الحكيمة والجهود الأمنية المكثفة من إحباط العديد من المخططات الإرهابية للفئة الضالة، وقد استشعرت قيادة المملكة أهمية تضافر الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب، فنظمت أول مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب، ودعمت الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الجماعات الإرهابية؛ إدراكاً منها أن الإرهاب لا يعرف حدوداً ويشمل ضرره الإنسانية جمعاء.

وفي هذه المناسبة الغالية لا يفوتني أن أتطرق إلى العلاقات الوثيقة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت الشقيقة التي أكدت الأيام أنها أصبحت نموذجاً يحتذى به في العلاقات بين الدول. فالتواصل بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، يحفظهما الله، وكل المسؤولين وعلى كل المستويات مستمر، مما انعكس على العلاقات المتميزة بين الدولتين الشقيقتين.

ويشرفني في هذه المناسبة أن أتقدم بالتهنئة بحلول اليوم الوطني إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وإلى الأسرة المالكة الكريمة، وإلى الشعب السعودي النبيل، داعياً المولى عز وجل أن يحفظ وطننا الغالي من كل مكروه، وأن يعيد هذه المناسبة على الجميع بكل الخير، وأن يديم على المملكة وشقيقتها الكويت وعلى سائر الدول العربية والإسلامية الأمن والأمان والاستقرار والرخاء.

* سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الكويت

back to top