سنة أولى جامعة (1)

نشر في 30-07-2016
آخر تحديث 30-07-2016 | 00:03
 يوسف عوض العازمي التعليم ليس استعداداً للحياة، إنه الحياة ذاتها... جون ديوي.

من تجربة شخصية متواضعة، عشتها طالباً في جامعة الكويت، خلال العام الدراسي المنصرم، وكان وضعي فيها كما قال المثل الشهير: "عقب ما شاب ودوه الكتاب"!، لا أدعي أنني نجحت بشكل كبير، لكن النتيجة العامة كانت مقبولة، وتقبلتها بقناعة، على قاعدة "ليس بالإمكان أبدع مما كان"، وللأمانة استفدت كثيراً من سنة كانت ملأى بالمواقف، فقد دخلت بفكرة مسبقة وفق ما أسمع وما أقرأ، ولكن السماع بالشيء ليس كمعايشته، والحقيقة أنني في أكثر من مرة كنت أقرر وقف الدراسة، للانسحاب بهدوء، لكن الحمد لله لم يحدث ذلك، لأمور لا مجال لذكرها، غير أنني في هذا المقال سأذكر قليلاً مما لاحظت ومما واجهت، ملاحظات أراها تستحق الذكر، وقد تكون مجرد وجهة نظر، لكن الأكيد أنني أكتب ما واجهته طالباً، ثم دونته هنا كاتباً.

سأبدأ أولاً بقضية التدريس، ولأنني كنت قادماً للتو من الدراسة الثانوية، لم ألاحظ فرقاً كبيراً، نفس النظام، ونفس طريقة الشرح، بل كنت أتصور أحيانا أنني مازلت في الثانوية، لاحظت أن هناك مدرسين يعتبرون مجرد وجودهم ضمن هيئة التدريس حقاً مكتسبا، ويبدو أنه كانوا على يقين بأنه لن يخرجهم من الجامعة سوى ذهابهم إلى المثوى الأخير! لاحظت أيضاً عدة مدرسين يحتكرون مواد محددة، بحيث لا يكون أمام الطالب خيار غيرهم، وهنا يتبين نقص الكوادر التدريسية (وهو ما يقودنا إلى إقفال الباب أمام الكفاءات للتدريس بالجامعة)، ولا أظن أن هناك من يتابعهم ويتابع إنتاجهم متابعة حقيقية، باستثناء عدة أساتذة مبدعين يقدمون أداء تدريسياً عالياً.

أيضاً لاحظت أن الروابط الطلابية كانت نشيطة، في تسهيل تسجيل المستجدين، وتقدم أداءً جيداً، لكنني أرى أن الانتخابات الطلابية لا تقدم فائدة حقيقية للطالب، خصوصاً بعدما طغى عليها ما يعانيه الناس في بقية الانتخابات خارج الجامعة، كالطائفية والقبلية والحزبية! أما عن الاختلاط، فاكتشفت أنه ليس كما تم تصويره للناس، وضحكوا به عليهم منذ سنوات، وسامح الله من أعطى الناس فكرة غير صحيحة عن الوضع في الجامعة، بقصد أو بغير قصد، وحتى أكون منصفاً فإنني ألوم في هذا الصدد أكاديميي الجامعة وجمعيتهم غير المشهرة! فعدم الاختلاط كما أفهمه هو مبان منفصلة بالكامل، بكل أوضاعها المعروفة، أما ما يوجد في الجامعة فهو بعيد عن القانون (الذي فهمته).

الأكيد أن الاختلاط موجود، فالشباب والشابات مشتركون في نفس المبنى، ونفس الحديقة ونفس الممرات، والشباب تدرسهم دكتورة، والشابات يدرس لهم دكاترة، والوضع آمن، ولا مشاكل أو ملاحظات أخلاقية، ولم أسمع حتى مرة واحدة بمثل ذلك، إنما المضحك والعجيب أن عدم الاختلاط فقط في القاعات الدراسية، ومن المستحيل حدوث أي أمر خارج عن النطاق فيها، كون القاعات محكومة بسيطرة الدكتور أو الدكتورة، أي أن عدم الاختلاط والاختلاط سيان، هو موجود في الواقع، ولا يعدو أن يكون زوبعة سياسية لإشغال البلد بها، ولم تكن أزمة في الأساس، أما قانون المنع فلم يطبق كما فهم من مقدميه... وللحديث بقية في المقال القادم بإذن الله.

back to top