«السلطان» أكثر السياسيين الأتراك إثارة للانقسام

نشر في 17-07-2016
آخر تحديث 17-07-2016 | 00:04
إردوغان
إردوغان
يعد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي تمكن من إحباط محاولة انقلاب ضده خلال الساعات الماضية، أكثر السياسيين إثارة للانقسام في تاريخ الجمهورية الحديثة، إذ يرى أنصاره فيه شخصية أحدثت تحولا كبيرا، لاسيما في مجال الحداثة، في حين يعتبره معارضوه قائدا يزداد تسلطا ويسكت أي انتقادات.

ويواجه حزب إردوغان الحاكم "حزب العدالة والتنمية" اتهامات بالسعي الى فرض قيم إسلامية على المجتمع، وهي مسألة من شأنها أن تثير توترا مع الجيش الذي لطالما اعتبر حامي الدولة العلمانية.

وبعد أن كان رئيسا للوزراء أصبح إردوغان، البالغ 61 عاما، أول رئيس منتخب مباشرة من الشعب في 2014، بعد تعديل الدستور بضغوط منه. وسعى الى توسيع سلطاته من خلال التعديلات الدستورية لتصبح الرئاسة في تركيا على غرار الرئاسة الأميركية.

وصل الرئيس، المعروف بحدة الطباع، ويلقبه أنصاره بلقب "المعلم الكبير"، أو "السلطان"، الى السلطة كرئيس للوزراء في 2003، ونجح في إرساء الاستقرار بالبلاد التي طبعت الانقلابات والتحالفات الهشة تاريخها، كما أخرجها من وضع اقتصادي سيئ، وتمكن من تقليص نفوذ الجيش بطرد العناصر المعارضين له.

وأثار الشكوك لدى فئة من الأتراك حول احتمال سعيه إلى "أسلمة" المجتمع، بعد فرض ضوابط على بيع الكحول والرقابة على الإنترنت، وحتى محاولة الغاء مهاجع الطلاب المختلطة في الجامعات الرسمية.

وسعى إلى أن تصبح تركيا من بين أكبر عشرة اقتصادات في العالم في الذكرى المئوية لتأسيسها في 2023، فأطلق سلسلة من مشاريع البنى التحتية الطموحة، ومنها شبكة سكك للقطارات العالية السرعة، ونفق تحت مضيق البوسفور.

وبرز تسلطه خصوصا في إسكات المنتقدين، فتمت محاكمة عدد من الصحافيين ومواطنين عاديين، بتهم إهانة إردوغان أو القدح والذم، ما أثار انتقادات دولية واسعة لرجل رحب به الغرب لإرسائه ديمقراطية مسلمة حديثة على الطرف الشرقي لأوروبا.

لكن في الأشهر القليلة الماضية، تعرضت حكومة حزب "العدالة والتنمية" لعدد من الازمات الدبلوماسية، وجعلت من سياسة خارجية سابقة عرفت بـ"صفر مشاكل مع الجيران" أضحوكة.

وواجه حكمه تحديا في 2013 عندما تحولت تظاهرات احتجاج على خطط لتطوير حديقة جيزي في إسطنبول الى تظاهرات عارمة معارضة للحكومة.

وأمضى إردوغان أكثر من 10 سنوات في رأس السلطة كأقوى رجل سياسة في تركيا بعد مؤسس الدولة أتاتورك.

ومع بروز نجمه وسط الحركة الإسلامية، تولى رئاسة بلدية إسطنبول في 1994، وواجه مشاكل كبرى في المدينة الضخمة التي تضم 15 مليون نسمة كزحمة السير الخانقة وتلوث الهواء، وشارك في التظاهرات الاحتجاجية لدى حظر الحزب الإسلامي الذي كان ينتمي اليه، وسجن 4 اشهر للتحريض على الحقد الديني بعد تلاوته قصيدة إسلامية.

وفي 2001، أسس اردوغان الى جانب حليفه عبدالله غول "العدالة والتنمية، الذي فاز في كل الانتخابات منذ 2002 الى يونيو العام الماضي عندما خسر الغالبية للمرة الأولى، قبل أن يستعيدها في تصويت ثان في نوفمبر ليعزز آماله في ترسيخ نفوذه.

نصف قرن من الانقلابات وإطاحة الحكومات

شهدت تركيا في تاريخها الحديث، العديد من الانقلابات طوال العقود الخمسة المنقضية، والتي أطاحت أربع حكومات منتخبة، كان أولها في 27 مايو 1960 وآخرها انقلاب الساعات الخمس على الرئيس رجب طيب إردوغان.

• انقلاب 1960: في الثاني من مايو، نفذ انقلاب عسكري بلا رحمة بقيادة ضباط وطلبة عسكريين في إسطنبول وأنقرة. وفي اليوم التالي طالب قائد القوات البرية الجنرال جمال جورسيل بإصلاحات سياسية واستقال حين رفضت طلباته. وشكل القادة مجلسا للوحدة الوطنية من 38 عضوا برئاسة جورسيل. وحوكم 601 شخص أدين منهم 464.

• انقلاب 1971: وجه الجيش تحذيرا للحكومة بضرورة استعادة الأمن بعد أشهر من الإضرابات والاشتباكات في الشوارع بين اليساريين والقوميين.

وبعد أشهر تنحى رئيس الوزراء سليمان ديمريل، وتأسس تحالف من سياسيين محافظين وغير سياسيين لاستعادة الأمن تحت إشراف الجيش. وأعلنت الأحكام العرفية في العديد من الأقاليم، ولم ترفع بشكل كامل إلا في سبتمبر 1973.

• انقلاب 1980: في 12 سبتمبر، نفذت قيادة الجيش انقلاباً برئاسة الجنرال كنعان إفرين. واندلعت معارك في الشوارع بين يساريين وقوميين. واعتقل كبار الزعماء السياسيين، وتم حل البرلمان والأحزاب السياسية والنقابات المهنية.

واستولى مجلس الأمن الوطني المكون من خمسة أشخاص على السلطة وعلق العمل بالدستور، وطبق دستورا مؤقتا منح قادة الجيش سلطات مفتوحة.

• الانقلاب الأبيض: في الثامن من يونيو عام 1997، اعتبر معارضو رئيس الوزراء نجم الدين أربكان أنه خطر على الحكم العلماني وأجبر على الاستقالة تحت ضغوط من الجيش وقطاعات الأعمال والقضاء.

"إرغينيكون"، ظهر اسم هذه المجموعة للمرة الأولى في عام 2007 حين اكتشفت كمية من المتفجرات في عملية مداهمة نفذتها الشرطة لمنزل في إسطنبول. وحوكم بعد ذلك المئات بزعم القيام بمحاولة انقلاب ضد رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب إردوغان، وأدين 275 ضابطا وصحافيا ومحاميا وغيرهم.

• مخطط 2010: كشفت صحيفة عن مخطط لانقلاب علماني تردد أن تاريخه يعود لعام 2003 بهدف إثارة فوضى اجتماعية لإسقاط حزب "العدالة والتنمية" الذي ينتمي له إردوغان. وفي 2012 قضت محكمة بسجن 300 من أصل 365 متهما.

• انقلاب الساعات الخمس: أعلنت مجموعة في الجيش أطلقت على نفسها "حركة السلام" يوم الجمعة 15 يوليو 2016، أنها استولت على السلطة، مما أدى إلى مواجهات أوقعت قتلى وجرحى في أنقرة وإسطنبول، قبل أن تتمكن السلطات من استعادة الأوضاع بدعم من الأمن العام والجماهير المؤيدة والمعارضة.

قدرات الجيش التركي

يضم الجيش التركي نحو 510 آلاف جندي بتراجع عن 800 ألف في 1985، ويعد أحد أفضل الجيوش تدريبا في العالم. وتفيد أرقام المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية لعام 2016 أن الجيش التركي يعد 402 ألف جندي بينهم 77 ألفا من المحترفين و325 ألفا من المجندين في القوات البرية، و48600 جندي في البحرية و60 ألفا في سلاح الطيران.

ويضاف إلى هؤلاء أكثر من مئة ألف من قوى الدرك أو الشرطة شبه النظامية التي تتبع لوزارة الداخلية بدلا من وزارة الدفاع، وفقا لأرقام عام 2015.

وفي تركيا كذلك 400 ألف احتياطي في الجيوش الثلاثة. ولدى البحرية 13 غواصة و18 فرقاطة و6 سفن حربية في حين يملك سلاح الجو 200 طائرة "أف-16" ما يجعله الثاني بعد الأسطول الجوي الحربي الأميركي من نوعية هذه الطائرات.

وقال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن سلاح الجو التركي "جيد التجهيز والتدريب". وتفيد مجموعة "جينز" للاستخبارات الأمنية بأن جيش البر شهد تطورا كبيرا من التسعينيات وطور "قوات تتمتع بقدرة عالية على الحركة وقوة نارية متقدمة".

back to top