رأي : طاقة ناضبة لرؤية نابضة

نشر في 14-07-2016
آخر تحديث 14-07-2016 | 00:17
 م. فيحان الشبلي اتجه العلماء منذ أمد بعيد للبحث عن طاقة متجددة للاعتماد عليها وإحلالها بديلا عن الطاقة الناضبة والتي ستكون محور هذا المقال، وفي هذا المقال أطرق أبواب القلوب النابضة من أصحاب القرار للتبصر في مصير الأجيال القادمة. لنبدأ أولا بتعريف الطاقة الناضبة كما عرفها العلماء وهي الطاقة غير المتجددة التي تنفد عند استخدامها، وتكون بكميات محدودة ولا يمكن إعادة إنتاجها، وهنا أشدد على جملة لا يمكن إعادة إنتاجها.

ومن أنواع الطاقة الناضبة الفحم والنفط والغاز الطبيعي ومحور الحديث سيكون عن النفط والغاز، لأن هذين المكونين هما من أهم مصادر الدخل لدول الخليج خاصة، ولدول أخرى مصدرة لهما بشكل عام. فالنفط هو مركب كربوني هيدروجيني والغاز الطبيعي هو عبارة عن خليط من الغازات كالميثان والإيثان وإلى آخره من الغازات ذات طاقة عالية. تم اكتشاف النفط في إيران والبحرين أوائل الثلاثينيات من القرن المنصرم على أيدي البريطانيين، وكانت بشرة خير لدول المنطقة الخليجية حيث وجدت كميات لا بأس بها من النفط في الكويت وباقي دول الخليج في نفس الحقبة، ومنذ ذلك الوقت ونحن نستخرج النفط، وأقول نستخرجه ولا ننتجه، وهذا هو الوضع، فالإنتاج حسب قول علماء الاقتصاد هو خلق المنفعة أو زيادتها، ونحن لا نقوم بخلق النفط أو زيادته، ولم يتوافر إلى هذا اليوم طريقة ناجعة لزيادة إنتاج النفط سوى طرق تعد إعادة استخلاص النفط بعد انتهاء الاستخراج، كحقن الآبار بالبخار، وهي طريقة لم تثبت جديتها إلى الآن.

السؤال والخلاصة من الكلام أعلاه والهاجس الأكبر لدول الخليج العربي، لأنها تعتمد اعتمادا كليا في صرفها وموازنتها العامة على النفط والغاز عدا هذه الدول هناك دول نفطية ذات ميزانية متنوعة من صناعة وزراعة وثروات حيوانية، السؤال كم لدينا من مخزون نفطي- غازي؟ وكم سنة يمكن لنا أن نستفيد من هذا المخزون؟ وهنا الجواب الصادم، هناك دول خليجية تستطيع الصمود 150 سنة، وهناك دول لا تتعدى السبعين سنة حسب الإحصائيات الاخيرة بفضل التكنولوجيا المتطورة، وهذه الأرقام على سبيل التفاؤل. وهذه السنوات في عمر الشعوب ليست بالشيء الكثير.

وهنا سؤال آخر هل استفدنا من عائدات النفط على مدى ما يقارب السبعين سنة الماضية؟ وهل هناك خطة بديلة أو رؤية اقتصادية لدينا لتنويع مصادر الدخل؟ وهل ستنقم علينا الأجيال القادمة؟

بكل صراحة لم تستفد دول الخليج من ريع النفط للعقود الماضية عدا مليارات بسيطة في استثمارات قد تخسر في أي وقت، لماذا؟ لأننا أثرنا التمتع والترفيه على حساب الأجيال القادمة، ونحن نتغنى دائما وأبدا بمستقبلهم، هل ستنقم علينا هذه الأجيال إذا ما استمر الوضع كما هو؟ بالتأكيد ستنقم.

وهل نستطيع تنويع مصادر الدخل والخروج برؤية اقتصادية لحل معضلة الاعتماد على النفط؟ نعم، وأول من أعلن الاستغناء عن تصدير النفط كانت دبي رغم ما عانته من خسارة عظيمة ابان الأزمة العالمية في السنوات الماضية، وكانت قد تضررت لولا تدخل أبوظبي لشراء ديونها، ولكن مع ذلك مازالت حكومة دبي تحاول جاهدة الاعتماد على التجارة والسياحة والصناعة، وذلك بفضل قيادة واعية اختارت كوادر متعلمة وشابة لإدارة دبي، وأنا أراهن على دبي أنها ستستغني عن تصدير النفط والغاز قريبا.

المملكة العربية السعودية أعلنت كذلك رؤية اقتصادية بقيادة شابة، رغم اعتراضي على بعض بنود هذه الرؤية التي تحتاج إلى تغير، وبدأت المملكة بتهيئة القاعدة الاساسية لهذه الرؤية بعقد اتفاقيات مع دول أخرى وبيع جزء من المخزون النفطي واستثمار ريعه في مشاريع اقتصادية خارجية وداخلية. عدا المملكة العربية السعودية وإمارة دبي لا توجد رؤية اقتصادية واضحة المعالم لدى دول الخليج، هل هناك وزارة تخطيط؟ نعم، وهل هناك مستشارون في هذه الوزارة؟ نعم، ولكن هل هم فاعلون؟ هذا السؤال الذي يحتاج إلى الرد من وزارة التخطيط بإيجاد رؤية نابضة رؤية اقتصادية قابلة للتطبيق على ارض الواقع لا على الورق.

ولنا في قول الباري عز وجل: «وتلك الأيام نداولها بين الناس»، قبل قرن كنا نعتمد على البحر والبر والعمل والتجارة في دول كالهند والدول العربية الشقيقة، واليوم هم لدينا يعملون وغداً إذا ما استمر الوضع كما هو فلنتأكد أن أجيالنا القادمة ستعمل لدى هذه الدول، فهل من قلوب نابضة تعي ما نقول؟

back to top