هل هذه بداية نهاية «داعش» في العراق؟

نشر في 08-01-2016
آخر تحديث 08-01-2016 | 00:01
بالنظر إلى النجاح الذي حققته العملية المشتركة بين قوى الأمن العراقية والائتلاف في استعادة الرمادي نستخلص أن الائتلاف توصل أخيراً إلى صيغة فاعلة لإنزال الهزيمة بـ «داعش»، وهي صيغة تعد بالمزيد من نجاحات الائتلاف المهمة عام 2016.
 ذي تيليغراف لا بد من أن «أبو بكر البغدادي» الزعيم المزعوم للدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، نادم على رسالته المتفاخرة التي أطلقها بعد عيد الميلاد عن أن تنظيمه يواصل النمو والتوسع، رغم كل جهود الائتلاف.

فما إن بدأ بث رسالته عبر وسائل الإعلام العربية حتى أعلنت الحكومة العراقية أحد أهم مكاسبها العسكرية لعام 2015: استعادة معقل السنّة في الرمادي على بعد 95 كيلومتراً تقريباً عن العاصمة بغداد، إذ مثلت سيطرة «داعش» على الرمادي الربيع الماضي نكسة كبيرة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي تمكن بمساعدة عدد من الميليشيات المدعومة من إيران من استعادة موقع سني بارز آخر من قبضة «داعش»، موطن الحاكم العراقي السابق صدام حسين، تكريت.

علاوة على ذلك، كان يُفترض أن يشكل تحرير تكريت خطوة أولى نحو هجوم عسكري أكثر صعوبة بغية تحرير الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، علماً أن «داعش» كان قد سيطر عليها خلال غزوه الأول للعراق في صيف عام 2014، لكن طريقة سيطرة «داعش» على الرمادي، مع إطاحة بضع مئات من المقاتلين المجاهدين بقوة عراقية أقوى بكثير وأفضل تجهيزاً، علقت أي أفكار بشأن تحرير الموصل. على العكس، قوض أداء الجيش العراقي البالغ السوء في الرمادي ثقة قادة الائتلاف بقدرته على محاربة «داعش»، ونتيجة لذلك وُضعت خطة تحرير الموصل، التي نودي بها كثيراً، على الرف بغية العمل على إعادة بناء قدرة قوى الأمن العراقية العسكرية على خوض الحروب.

في حملة معقدة للإطاحة بـ«داعش» في سورية والعراق كليهما، استخلص قادة الائتلاف أن من الضروري أن تتمتع قوى الأمن العراقية بالإرادة والقدرة كلتيهما للإطاحة بعدوها المتحمس بموارده الواسعة، فإن أمكن التخلص من التهديد الذي يشكله المتطرفون المجاهدون في العراق، فسيشكل هذا عندئذٍ منصة راسخة يمكن من خلالها إطلاق هجوم حاسم لسحق «داعش» في دولة سورية المجاورة.

دفعت سياسة «العراق أولاً»، كما يدعو بعض قادة الائتلاف هذه المناورة، المستشارين العسكريين الأميركيين والبريطانيين إلى تركيز جهودهم على إعادة بناء قوة قوى الأمن العراقية؛ ليحددوا المواقع التي يستطيعون فيها تأمين عنصر على الأرض يُعتبر أساسياً كي تتمكن الحكومة العراقية من تحقيق هدفها الطويل الأمد: استعادة السيطرة على كامل البلد وتحريره من قبضة المجاهدين الإسلاميين.

بالنظر إلى النجاح الذي حققته العملية المشتركة بين قوى الأمن العراقية والائتلاف في استعادة الرمادي، نستخلص أن الائتلاف توصل أخيراً إلى صيغة فاعلة لإنزال الهزيمة بـ»داعش»، صيغة تعد بالمزيد من نجاحات الائتلاف المهمة عام 2016.

لعل الانتقاد الأبرز الذي وُجِّه إلى جهود الائتلاف لإنزال الهزيمة بـ «داعش» في سورية غياب قوات فاعلة على الأرض تستطيع استغلال الضرر الذي لحق بمواقع «داعش» بسبب الضربات الجوية، لكن قوى الأمن العراقية سدت هذا النقص في الرمادي، فاستغلت هذه القوى الضربات الجوية الأميركية والبريطانية العالية الفاعلية ضد مواقع «داعش» لتقتحم وسط المدينة، رافعة العلم الوطني فوق المجمّع الحكومي المحرَّر حديثاً في الرمادي.

لا شك أن هذا التقدم أفرغ تفاخر البغدادي بعد عيد الميلاد عن أن الائتلاف «لن يجرؤ على إرسال الجنود ضدنا» من معناه، بل على العكس يبدو «داعش» في مطلع عام 2016 في موقع الدفاع في العراق وسورية، حيث أدى تكثيف ضربات الائتلاف الجوية، الذي يعود في جزء منه إلى تصويت مجلس العموم على السماح للقوات الجوية الملكية بإجراء عمليات قصف في سورية، إلى إحداث خلل كبير في عمليات تهريب النفط المربحة التي يقودها هذا التنظيم.

لكن السؤال المهم الذي يبرز اليوم: هل من الممكن توسيع هذه العملية العسكرية الناجحة لإنزال هزيمة أكبر بـ»داعش» في سورية، فضلاً عن العراق؟ تمثل الموصل، ثاني أهم مدينة في العراق بعدد سكانها الذي يصل إلى 1.5 مليون نسمة، هدفاً أكثر صعوبة، مقارنة بالرمادي، ويخشى قادة الائتلاف أن تشمل معركة استعادة هذه المدينة المقرر خوضها في الخريف المقبل حرب شوارع طاحنة مع استخدام مجاهدي «داعش» المدنيين العراقيين دروعاً بشرية.

لكن العبادي في حديث له بُعيد استعادة الرمادي وعد بإعادة كامل العراق إلى سيطرة الحكومة العراقية المنتخبة ديمقراطياً بحلول نهاية عام 2016، ولا شك أن هذا بالغ الأهمية إن كان الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة يريد تحسين فرصه للإطاحة بـ«داعش» على الأرض في دولة سورية المجاورة، حيث يبدو الوضع أكثر تعقيداً بكثير، مقارنة بالعراق.

تبدو مجموعات كثيرة من الثوار السنّة الناشطين على الأرض في سورية أكثر اهتماماً بمحاربة نظام الأسد من «داعش»، وقد اضطر ديفيد كاميرون أخيراً إلى التراجع عن ادعائه أن 70 ألف مقاتل موالٍ للغرب مستعدون في سورية لمواجهة المتطرفين.

تشمل الحلول الممكنة المطروحة تعاون الائتلاف عن كثب مع التحالف العسكري الإسلامي، الذي يضم 34 دولة، والذي أسسته المملكة العربية السعودية في مطلع الشهر الماضي بهدف محاربة الإرهاب الإسلامي. حتى اليوم، كانت الدول السنية، مثل تركيا والمملكة العربية السعودية، مترددة في إنزال قوات على الأرض في سورية، ولكن إذا أمكننا إقناع الدول السنية البارزة بلعب دور أكثر فاعلية، فمن الممكن في هذه الحالة إنزال الهزيمة بـ«داعش» في العراق وسورية على حد سواء.

* كون كافلين | Con Coughlin

back to top