نحن من نصنع أنفسنا وقوداً للحروب

نشر في 21-11-2015
آخر تحديث 21-11-2015 | 00:01
 خالد الردعان فطرياً دائما نتحيز إلى فكر معين، وغالباً ما تظهر نتائج التحيز بعد فترة من الزمن وأحياناً بعد فوات الأوان، ورغم أنني متحيز بأمور عديدة، فإنني غالبا ما أشك في تحيزي، وأحياناً أشك في عدم الاطمئنان إليه، نظراً لتجارب الحياة وصفعات الزمن التي عانيتها، ككثيرين غيري.

ومن يرَ الناس ويراقب تحيزهم وينتبه إلى تناقضات الإنسان، فسيرى العجب العجاب من تصرفاتهم، وكمثال على ذلك في وقتنا الحاضر، من يقرأ قصة حرب البسوس التاريخية ويقرأ أن قبيلة وحلفاءها يتحيزون ضد قبيلة أخرى ويتحيز لها حلفاء آخرون، يشعر أن بعض الناس كانوا بلا عقول واعية، حتى أن مجرد اختلاف أو تعصب قد يقودها إلى مأساة بشرية وقتال شرس، ويبدو أن هذا الأمر انتقل إلى أجيالهم التالية، والتي قامت بالأمر نفسه بكل سهولة، نتيجة البيئة والفكر الذي انتقل إليهم فطريا، وأكاد أجزم أن كل من قرأ القصة سخر منها.

كذلك حروب المسيحيين، في ما بينهم، خلال القرون الوسطى، بين البروتستانت والكاثوليك، أصبحت اليوم أضحوكة، فكيف كانوا يتحاربون 30 عاماً لصراع في إطار اختلاف فكري في ديانتهم، ومن يقرأ تاريخهم أكاد أجزم أنه قد اتهمهم بالغباء والجهل وسخر منهم أيضاً، لكنهم اليوم يتعايشون بسلام، وكل من لديه مذهب احتفظ به، وانتهى عصر الاضطهاد المذهبي بتاتاً.

التحيزات والعنصرية أتت إلينا بقوة، والذين يقوم بها منتفعون، ونحن اليوم مجرد أدوات ومتفرجون على صراعات أنظمة يقودها أشخاص يتحكمون بدول، ويتحدثون بأسماء شعوبهم، دون اكتراث بالشعوب ولا بالدول، ولا يكترثون إلا للأنظمة المعادية التي تتحكم بهم، وتساومهم على إطالة جلوسهم في كرسي الحكم، أو بالأصح العرش، ويملؤهم الحقد والأنانية والجشع الذي ملأ خزائنهم الفكرية والبنكية.

ليس غريباً أن يختلف الناس فالاختلاف فطري وطبيعي، لكن غير الطبيعي التخاصم لمجرد الاختلاف، والعقل الإنساني متحيز بطبيعته، إلا أن الإنسان يجب أن ينتبه إلى ما يتحيز له، وأن يوسع بصيرته وتفكيره، قبل أن يودي به أو بغيره إلى الهاوية. فمن أراد التعايش بسلام، عليه احترام الآخر، وإن لم يكن معجباً أو غير مقتنع به.

back to top