هل تنقذ الصين وروسيا اليونان إن رفضت أوروبا ذلك؟

نشر في 09-07-2015
آخر تحديث 09-07-2015 | 00:01
 سلايت صحيح أن مآسي اليونان تبدو صغيرة وفق المعايير الصينية، إلا أن بكين لا تزال تصب كل اهتمامها على ما يحصل في نهاية هذا الأسبوع، وخصوصاً بسبب مخاوف من أن يؤدي الوضع الحالي، إن لم يُحل، إلى زعزعة عدد من الاقتصادات في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي، شريك الصين التجاري الأكبر. ومن باب المصادفة، كان رئيس الوزراء لي كيكيانغ في بروكسل قبل أيام لحضور القمة السنوية بين الصين والاتحاد الأوروبي، وقد أعلن أن الصين تأمل التوصل إلى حل يبقي اليونان في منطقة اليورو، مؤكداً أن هذا لا يرتبط بأوروبا فحسب، بل أيضاً "باستقرار العالم المالي والتعافي الاقتصادي".

رغم ذلك، قاد احتمال خروج اليونان من أوروبا وانهيار عملية الإنقاذ البعض إلى التساؤل عما إذا كانت الصين ستحاول استغلال هذا الوضع، إذ سبق أن أقرضت الصين المال لدول تأخرت في سداد دينها، وخصوصاً في أميركا اللاتينية، وقد ترى بكين أفضلية سياسية في التقدم للمساعدة، إذا أخفقت أوروبا في ذلك، وكما تشير فريدا غيتيس من World Politics Review، إلى أن الصين اعتادت إقراض دول يرفض مستثمرون آخرون حتى التفكير فيها، مثل فنزويلا.

عندما نتأمل التاريخ نلاحظ أن الصين ستبقى أقل اهتماماً من الاتحاد الأوروبي بإصلاح الحوكمة في اليونان وسياساتها الاقتصادية المحلية، طالما أن هذا البلد ملتزم بسياسات تمنح الأفضلية للتجارة الصينية، وربما سياسة خارجية موالية للصين بشكل واضح. وكما ذكر محرر BBC China كاري غرايسي، قد تعود العلاقات الأعمق مع اليونان بفائدة كبيرة على الصين، في حين تسعى هذه الأخيرة إلى بناء طريق تجاري جديد وسط آسيا وجنوبها عبر البحر الأبيض المتوسط وأوروبا. ولكن هل تستحق فوائد القوة الناعمة هذه خسارة مليارات من ديون اليونان غير المستردة؟ هذه مسألة مختلفة.

شهدنا المزيد من التخمينات بشأن احتمال أن تهب روسيا لإنقاذ اليونان، فسبق أن ساعد الكرملين دولاً في البحر الأبيض المتوسط ترزح تحت الدين، مانحاً قبرص قرض طوارئ بقيمة 2.5 مليون يورو عام 2011، ورغم مشقتها الاقتصادية الحالية، لا تزال روسيا تملك نحو 350 مليار دولار في احتياطيات التبادل الأجنبي، ومن الممكن أن تستخدم هذه الأموال لشراء النفوذ وزعزعة الوحدة الأوروبية.

علاوة على ذلك، يبدو حزب سيريزا الحاكم في اليونان ميالاً إلى حد ما إلى روسيا، معارضاً العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على حكومة فلاديمير بوتين، كذلك وقّعت اليونان أخيراً على اتفاق لاستضافة جزء من خط أنابيب جديد ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا، وبعيد ذلك، أدلى أليكسيس تسيبراس بخطاب مهم في منتدى اقتصادي في سانت بيترسبرغ رعاه بوتين، فشدد هذا السياسي اليوناني البارز على أهمية الروابط بين البلدين، كذلك أفادت المجلة الألمانية Der Spiegel أن روسيا وافقت على منح اليونان قرضاً يصل إلى 5 مليارات دولار مسبقاً لقاء أرباح خط النفط هذا، مع أن الحكومة الروسية أنكرت ذلك، كذلك نفى الكرملين التقارير الإعلامية الروسية عن أنه منح اليونان عضوية في بنك تنمية جديد تابع للبريكس تنشئه البرازيل، وروسيا، والهند، والصين وجنوب إفريقيا.

رغم ذلك، أبقى الروس الباب مفتوحاً على احتمال حدوث مزيد من التعاون الاقتصادي مقابل تنازلات من الشركات الروسية، فقد أعلن وزير المالية أنتون سيلوانوف في شهر يناير أن روسيا "ستفكر بالتأكيد" في طلب اليونان المساعدة، كذلك أفاد السفير الروسي إلى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيزوف أخيراً أن اليونان لم تتقدم بعد بطلب مساعدة مالية مباشرة، "إلا أننا قادرون على زيادة تعاوننا الاقتصادي، وخصوصاً أن اليونان تملك القدرة على خصخصة منشآت كثيرة، مثل سكك الحديد والمرفأ [في سالونيك]".

رغم كل هذه التلميحات، لا يزال خط الإنقاذ الروسي لليونان بعيد الاحتمال على الأرجح، فبسبب النكسات التي تعرضت لها روسيا مع تراجع أسعار النفط والعقوبات الاقتصادية الغربية، بدأت تستهلك احتياطاتها بسرعة، في حين تبدو نهاية هذه الأزمة بعيدة. ومع ما لا يقل عن 271 مليار دولار من الديون التي تدين بها اليونان لمقرضيها الدوليين، تُعتبر الأزمة اليونانية مختلفة كل الاختلاف عن أزمة قبرص الصغيرة، التي جمعتها تاريخياً روابط أعمق بروسيا.

من الخطأ أن تعتمد الحكومة اليونانية على المساعدة من روسيا (أو حتى الصين) إن اتخذت التطورات منحى سيئاً في تعاملاتها مع أوروبا، ولكن قد يكون من الأفضل لها ولروسيا على حد سواء إن ظن المقرضون في بروكسل أن هذا الاحتمال قائم.

* جوشوا كيتنغ

back to top