كمال الشناوي... الوجه الآخر للقمر (15 - 30)

مأساة امرأة
الرقابة تحذف مشهداً من فيلم «شارع البهلوان»

نشر في 20-06-2016
آخر تحديث 20-06-2016 | 00:02
تابعنا في الحلقات السابقة، كيف كان اقتراب كمال الشناوي من الفنانة شادية خلال الأدوار التي قاما بها معا، دليلا على نجاحهما كثنائي فني، إلا أن المخرج الكبير الراحل، حسن الإمام، كان أول من منح هذا الثنائي عنوان النجاح الأبرز، الذي تصادف أن يكون "ساعة لقلبك".
الفيلم الذي عرض حسن الإمام بطولته على كمال الشناوي وشادية، كان هو أول ثمار هذا الثنائي الفني، الذي تكرر فيما بعد عدة مرات، وحقق الفيلم نجاحا غير مسبوق، جعل الثنائي الجديد ينتبه إلى غياب الثنائيات المميزة عن الوسط السينمائي المصري في هذه الفترة، خصوصا بعد تراجع الثنائي "أنور وجدي وليلى مراد".
شكّل نجاح كمال الشناوي في الكوميديا من خلال فيلم "زوج الأربعة" دافعاً قوياً، ليس للمنتجين والمخرجين لأن يختاروه في أدوار كوميدية، بل الأهم له هو، حيث اكتشف أن لديه قدرات كوميدية، يمكن أن تؤهله لتقديم هذا اللون المحبب للجمهور ببساطة، إلى جانب أدواره التراجيدية والرومانسية، لئلا يحصر نفسه في دور بعينه، وهو ما جعله يوافق على الفور على القيام ببطولة فيلم "شارع البهلوان"، الذي عرضه عليه المخرج الشاب صلاح أبوسيف، الذي جاء من عالم المونتاج إلى الإخراج محاولاً إثبات قدراته كمخرج له رؤية.

بدأ صلاح أبوسيف موظفاً في شركة "مصر للغزل والنسيج" بمدينة المحلة الكبرى، والتابعة لمجموعة شركات "بنك مصر" التي أنشأها الاقتصادي الكبير طلعت حرب، وفي الوقت نفسه عمل بالصحافة الفنية، ثم انكبّ على دراسة فروع السينما المختلفة والعلوم المتعلقة بها، مثل الموسيقى وعلم النفس والمنطق، وهناك في المحلة التقى بالمخرج نيازي مصطفى، الذي ساعده في الانتقال إلى استوديو مصر عام 1936.

عمل صلاح أبوسيف في "استوديو مصر" بقسم المونتاج، وسرعان ما أصبح رئيساً له لمدة عشر سنوات، تتلمذ خلالها على يديه الكثيرون، وفي بداية عام 1939، أرسله استوديو مصر إلى فرنسا لدراسة السينما، ليعود في نهاية العام مضطراً بسبب الحرب العالمية الثانية، ليعمل مساعداً أول للمخرج كمال سليم في فيلم "العزيمة"، الذي يعتبر الفيلم الواقعي الأول في السينما المصرية.

ظل أبوسيف يعمل مساعداً للإخراج، حتى قام بتجربته الأولى في الإخراج السينمائي الروائي القصير عام 1942، من خلال فيلم "نمرة 6" الذي قام ببطولته الكوميديان إسماعيل ياسين، ثم قدم تجربته الروائية الطويلة عام 1946، بعنوان "دايماً في قلبي" المقتبس عن الفيلم العالمي "جسر واترلو" بطولة عقيلة راتب، وعماد حمدي، ودولت أبيض، ليقدم في العام التالي فيلم "المنتقم"، وفي عام 1948 قدم فيلم "مغامرات عنتر وعبلة"، متنقلاً بين الواقعية والتراجيديا والرومانسية، ثم الكوميديا في فيلمه "شارع البهلوان"، للبحث عن أسلوب للتميز، فكتب سيناريو "شارع البهلوان" وأخرجه، وكتب الحوار علي الزرقاني، وأسند بطولته إلى كمال الشناوي وكاميليا، وإسماعيل ياسين ولولا صدقي، وحسن فايق، وزينات صدقي، وعبد الحميد زكي، ومحمد توفيق، وإلياس مؤدب.

رمضان كريم

ما إن مر أسبوعان من تصوير الفيلم، حتى أقبل شهر رمضان خلال يوليو 1949، ولم يرد صلاح أبوسيف أن يتوقف عن التصوير للانتهاء من الفيلم، لارتباط كمال الشناوي وكاميليا بأعمال أخرى، فقرر استكمال التصوير خلال ليل ونهار رمضان، رغم حرارة الصيف فضلا عن الصيام، حيث يحرص كمال على صيام الشهر كاملاً، ولا يفطر يوماً مهما كانت المشقة التي يلقاها، غير أنه وجد نفسه أمام مشكلة كبيرة أخرى ستضطره إلى الإفطار بعيداً عن حرارة الصيف ومشقة العمل، عندما فاجأه صلاح أبو سيف بطلبه:

* أنت بتقول أيه يا أستاذ.. مش ممكن؟

- هو أيه اللي مش ممكن... هو أنا جبت حاجة زيادة ده مكتوب في السيناريو يا كمال... وأظنك قريت السيناريو كويس قبل ما نبدأ

* أيوا بس ماكنتش عارف أننا هانصور في رمضان... وأنا صايم... وعايزني أبوس البطلة وأنا صايم؟!

- ده شغل يا كمال هو أنت هاتبوسها بجد... دي بوسة سينمائية يعني أكل عيش

* يا أستاذ بلاش نضحك على بعض بالكلام اللي بنقوله للجمهور عن البوسة السينمائية... البوسة بوسة مالهاش معنى تاني... وأنا صايم ومش ممكن أضيع صيامي علشان بوسة مش هاتاخد ثانية على الشاشة... وممكن نلغيها ومش هاتأثر في حاجة.

- أنا بقولك على نيتي مش على نيتك أنت.

* يا أستاذ دي مافيهاش نية... عموما إن كان ولابد خليها بعد الفطار.

- يعني دلوقت الساعة حداشر صباحاً.. والمغرب بيدن على سبعة ونص... وعلى بال مانفطر ونخلص ونبدأ شغل تاني تبقى تسعة... أفضل أنا رابط العمال والفنيين من دلوقت لحد الساعة تسعة على لقطة تلات ثواني ونعمل بعدها فركش وينتهي تصوير الفيلم.

* ماهو أنا مش ممكن أعمل البوسة دي أبداً.

- خرجت كاميليا من حجرتها لتسمع الجملة الأخيرة التي قالها كمال الشناوي، فظنت أن كمال يرفض أن يقبلها بشكل عام، دون أن تعرف بقية تفاصيل الموضوع، فثارت غاضبة، وقررت هي أيضاً عدم قبول هذه القبلة، مهما كلفها ذلك، حتى لو اضطرت إلى الاعتذار عن الفيلم بأكمله الذي انتهت من تصويره، معتبرة ذلك إهانة كبيرة موجهة لها، فتدخل صلاح أبوسيف، وأفهمها أن كمال، باعتباره رجلاً مسلماً متديناً، يرفض أن يفعل ذلك في نهار رمضان وهو صائم، وليس موقفا منها، حتى اقتنعت أخيراً، غير أنه لم يكن يبق سوى ساعة فقط على آذان المغرب، فنظر صلاح أبو سيف في ساعة يده، ونظر كمال الشناوي، ثم نظر كل منهما للآخر، وانفجرا في الضحك، واضطرا للانتظار إلى ما بعد آذان المغرب لتصوير القبلة، التي كانت مفاجأة لم يتوقعها الجميع، فالفيلم عندما عرض على الرقيب بوزارة الداخلية، مقر الرقابة على المصنفات الفنية حينئذ، مد يده إلى مقصه وحذفها نهائياً من الفيلم، وهو ما اكتشفه كمال الشناوي وبقية أبطال وصناع الفيلم، في ليلة العرض الأول له في سينما "ريالتو" يوم 12 ديسمبر 1949.

ما إن أضيئت الأضواء، وقام كمال مع كاميليا وإسماعيل ياسين وحسن فايق، وصلاح أبوسيف بتحية الجمهور، حتى انسلخ كمال من بينهم وخرج مسرعاً من دار العرض، إلى حيث ترك سيارته في شارع قصر النيل بوسط القاهرة.

صدمة من الماضي

لم يخط كمال بضع خطوات في "شارع قصر النيل" حتى استوقفه مشهد لم يكن يتوقعه‏، رأى سيدة مشعثة الشعر تسير حافية القدمين، وقد أمسكت حذاءها في يدها وتمشي زائغة البصر لا تكاد تستقر نظراتها على المارة أو المحلات‏، وعندما دقق النظر، فإذا به أمام ساحرة الأمس صاحبة التايير الأبيض‏، فاتنة أسيوط وحبه الأول "لولا"‏ فشعر بمرارة‏ كبيرة، وأحس كأن إحدى أجمل لوحاته قد عبث بها إنسان مستهتر، وأضاف إلى خطوطها المرسومة بعناية "شخبطات" وفجأة وجدها أمامه تسأله:

- أنت مش عارفني يا أستاذ كمال

* لولا؟! إزاي مش عارفك.. تعالي أيه اللي عمل فيكي كده؟

- طب ممكن لو سمحت توصلني لبيتي في شارع الهرم وأنا أحكيلك في السكة.

ركبا سيارة كمال، وانطلقا إلى شارع الهرم، ظناً منه أنها لاتزال تقيم في الفيللا التي قالت له عنها، وأن ما يراه ليس إلا صورة مؤقتة ناتجة عن ظرف طارئ، لكنه عندما وصل إلي نهاية شارع الهرم، طلبت منه أن يتجه إلى شارع جانبي، وبعد أن توغلت السيارة في طرق ملتوية غير ممهدة وصل إلى بيت قديم شبه منهار، لتدخل إلى غرفة صغيرة أشبه بالكوخ، تضيئها لمبة صغيرة من الكيروسين‏، وعلى الضوء الشاحب روت له مأساتها، وكيف استولى زوجها الأخير على كل ثروتها، ولم يعد لها من حطام الدنيا سوى ذلك الكوخ.

بكي كمال لمأساتها، وعرض عليها أن يساعدها ماديا لكنها رفضت بشدة‏، فاقترح عليها أن يلحقها بعمل ما بدلاً من مساعدته المادية، فوافقت على الفور، وفعلا أقنع صديقه المخرج صلاح أبوسيف بأن يستعين بها في تنسيق الإكسسوار والمناظر في الأفلام، نظراً إلى ذوقها الرفيع، الذي لم تفسده الأيام‏، ‏وقبلها صلاح، وبدأت بالفعل عملها معه، وقامت بالمهمة على أكمل وجه، غير أن كثيرين شكوا من توترها الزائد عن الحد، والعصبية التي تنتابها طوال الوقت، فلم يسند لها عمل جديد‏، وبعد أن أغلقت كل الأبواب في وجهها قررت الهجرة إلى أستراليا، حيث سبقها ابنها، وبالفعل هاجرت لتنقطع أخبارها إلى الأبد عن كمال.

سيطر هذا الحادث على نفسية كمال الشناوي، وظل ملازما بيته عدة أيام لا يخرج، حتى أن زوجته الفنانة هاجر حمدي اجتهدت لتعرف أسباب حالة الاكتئاب التي تسيطر عليه، لكن دون جدوى، ولم يخرجه من هذه الحالة سوى هاتف المخرج حسن الإمام، يطلبه لبطولة فيلم جديد، وقبل أن يعتذر أو يطلب تأجيله، بادره حسن الإمام قائلاً:

- فيلم مكتوب مخصوص علشانك أنت وشادية.

* شادية مين؟.

- أيه يا كمال مش عارف شادية.. إحنا عندنا كام شادية هي واحدة.

* أيوا أيوا... مش القصد... بس أقصد أقولك هي شادية وافقت يعني

- يا حبيبي مافيش حد يقول لحسن الإمام لا.. طبعاً وافقت.

* لا يعني أقصد أقول هي عارفة أني أنا اللي هأقف قدامها في الفيلم.

- أيه يا كمال هو فيه أيه.. جاي ولا لأ؟.

* جاي حالاً.

لم يصدق كمال الشناوي نفسه عندما أخبره حسن الإمام بأن البطلة التي ستقف أمامه في الفيلم الجديد هي الفنانة شادية، التي لم يلتق بها منذ أن طلق شقيقتها الفنانة عفاف شاكر، رغم حالة الاحترام المتبادل بينهما، إلا أن شادية آثرت الابتعاد عن كمال، خصوصاً بعدما أشيع أن سبب الطلاق كان حبه لها، غير أنها عادت ووافقت على الوقوف أمامه مجدداً بعد أن تزوج من الفنانة هاجر حمدي، ولم يعد هناك ما يمكن أن يثير أيّ شكوك تجاههما.

قدم له حسن الإمام فيلم "ساعة لقلبك" قصة وسيناريو هنري بركات، حوار أبو السعود الإبياري، وشاركه وشادية، في بطولة الفيلم حسن فايق، زوزو شكيب، ومنى ابنة المنتجة آسيا داغر، عزيز عثمان، ثريا سالم، والمطرب عبدالعزيز محمود.

دارت أحداث الفيلم حول تيسير بك النزهي، الذي يتزوج من امرأة لعوب عقب وفاة زوجته، لكن بيته يخيم عليه الكآبة والأحزان، رغم الثروة الطائلة التي لديه، في الوقت الذي يستمع فيه كل ليلة إلى غناء وسعادة في بيت مقابل له، وتحرضه زوجته على طرد هذه الأسرة لما يسببونه من إزعاج، فيذهب للقيام بذلك، فيجد أن البيت لأسرة فقيرة لا تجد قوت يومها، فيتعجب لذلك، ويحاول أن يجد أسباب السعادة لديهم، ويقع ابنه أحمد في حب ابنتهم "نعمت" لكن امرأة الأب اللعوب تريد تزويجه من ابنتها للاستيلاء على ثروة الأب، فتدبر مكيدة لنعمت بالاشتراك مع عشيقها بطل الملاكمة، ويظن أحمد أن نعمت تخونه، فتجتهد الأسرة الفقيرة لإثبات براءة ابنتهم، وينجحون في ذلك، ويطلق تيسير بك زوجته الخائنة، ويتزوج أحمد من نعمت.

عودة البريق

نجح الفيلم بشكل فاق كل التوقعات، وبدا أن وجود كمال الشناوي وشادية على الشاشة، له رونق وبريق خاص، جذب الكثير جداً من الشباب لمشاهدة الفيلم، بل إن الصحافة الفنية راحت تؤكد أنهما يمكن أن يكونا ثنائياً جديداً على شاشة السينما، بعد أن خفتت أضواء الثنائي الأشهر "أنور وجدي وليلي مراد"، بسبب كثرة مشاكلهما الإنسانية، ووصول الأمر إلى حد الطلاق بينهما، ما انعكس بشكل كبير على أدائهما الفني، في الوقت الذي بدأ يلمع فيه نجم الممثلة اليهودية راقية إبراهيم، كنجمة أولى، بعد أن صنع يوسف وهبي نجوميتها، فرشحها المخرج حسن رمزي للقيام ببطولة فيلم "ماكانش عالبال" أمام كمال الشناوي، قصة وحوار السيد زيادة، سيناريو وإخراج حسن رمزي، ويشاركهما البطولة، إسماعيل ياسين، سراج منير، درية أحمد، عبد الوارث عسر، عبدالعزيز أحمد، فؤاد شفيق، وعزيزة حلمي.

فرح كمال الشناوي بفيلم "ماكانش عالبال" بشكل كبير، لأنها المرة الأولى، التي يعرض عليه فيها القيام بدور "رسام"، أي أنه سيقدم دوراً أقرب إلى شخصيته الحقيقية، من خلال "كمال" الرسام، الذي يعيش بمفرده في القاهرة، بعيداً عن جده الذي تولى تربيته، وينفق عليه، من أجل أن يحصل على شهادته ويعود ليتزوج بابنة عمه "ستيته"، غير أن كمال يرتبط بزميلة الدراسة بفرنسا "إيفون"، لكنه يتعرف في القاهرة على "سميرة" الفتاة الفقيرة، التي تعمل فنانة متجولة مع عمها وابن عمها، ويستطيع كمال أن يجد لها عملاً في أحد المسارح، ويقرر جده زيارته في القاهرة لإعادته إلى القرية وتزويجه من ابنة عمه، فيفاجأ بسميرة، ويظن أنها إحدى فتيات الليل، لكن كمال يقدمها له على اعتبار أنها ابنة باشا كبير، وأنها خطيبته، ويوافق الجد على مضض لأصلها وثروتها، لكنه يكتشف أنها ممثلة فقيرة، فيثور ويرفض زواجها من حفيده، في هذا الوقت يظهر والد سميرة الحقيقي الذي اختفى منذ سنوات بعيدة وظن الجميع أنه تُوفي، ويتضح أنه باشا بالفعل، فيوافق جد كمال على زواجه من سميرة.

خلال تصوير الفيلم، اقترب كمال الشناوي من راقية إبراهيم، التي كانت أقرب للنموذج الأوروبي منه للمصري، لدرجة أنها لم تكن تقرأ أو تكتب العربية، بل تتحدث بها فقط، فكان يضطر المخرج كتابة الحوار لها باللغة الفرنسية لتنطقه بالعربية، فضلاً عن تميزها بحسن التحدث مع من حولهما بصوت منخفض‏، والميل إلى الدبلوماسية في الكلام واحترام الآخرين، وأناقتها الظاهرة، واعتزازها بنفسها، وهو نموذج يحترمه ويعشقه كمال الشناوي، فضلاً عن احترامه الشديد للمرأة، إضافة إلى أنه وجد في شخصيتها رقة ونعومة طبيعيتين وليستا مصطنعتين‏، ودون أن يشعر وجد نفسه منجذباً إليها، دون أن يبوح لها بذلك.

وجد كمال الشناوي النموذج الأمثل له كرسام من حيث الشكل والمضمون، ومثل أي فنان تشكيلي توهم في لحظة أنه في حالة حب مع الموديل الذي يرسمه، عاش هذا الحب الذي كان من طرف واحد‏، ‏ومن كثرة حبه لها لم يخبرها بالأمر، بل راح يرسم لها بورتريه، وكلما خط خطا فيه، زاد حبه لها، في حين أن راقية كانت مشاعرها جامدة، لا تعرف المعني الحقيقي للحب، تسعى لهدف واحد فقط، هو أن تجعل اسم "راقية إبراهيم" أكبر اسم في عالم السينما المصرية، بغض النظر عن كيف يصنع هذا الاسم.

ما إن انتهى كمال من رسم البورتريه قبيل انتهاء تصوير الفيلم، حتى كتب تحته كلمات رقيقة رومانسية، تعبر عن مشاعره تجاهها، ثم وضعه في برواز فخم، وقدمه لها مع باقة ورد، أمسكت راقية البرواز ونظرت للوحة بإعجاب وقرأت ما كتبه، وفاجأته بسؤال:

- أنت بتحبني يا كمال؟‏

* هه ؟

كان السؤال مباغتاً له، لدرجة أن الدنجوان، الذي لم يكن لديه سوى "الكلام" الجميل الذي يجذب النساء إليه، لم يعرف أن يرد وأصابه الخجل وأحمر وجهه، ولم يستطع أن يرد عليها أو يبوح لها بحبه‏، بل اكتفى بأن ينظر إلى الأرض خجلاً، فأمسكت راقية بذقن كمال برقة لترفع وجهه لتنظر في عينيه:

- أنت مكسوف؟... أمال أيه الكلام اللي باسمعه عنك ده.

* أبداً والله مش حقيقي أنا.....

- وليه مش حقيقي... بالعكس الحب ده شيء جميل، ولازم الإنسان يكون في حالة حب طول الوقت، لإنسان، لوطن، لشغلك.

* طبعاً... وأنا فعلا ماقدرش أعيش من غير حب.

- لازم تحب... وعلى كل حال أنا باشكرك على كلماتك الرقيقة دي.. وعلى مشاعرك الجميلة... بس أنا مشغولة بحب تاني ومش هأقدر أبادلك مشاعرك.

كانت كلمات راقية إبراهيم صادمة لكمال الشناوي، غير أنه احترم صراحتها، وتأكيدها على انشغالها بحب آخر، لم يكن واضحاً له أو لغيره، لمن هذا الحب، لشخص أم لوطن تحلم به.

فيلم شارع البهلوان
دارت أحداث "شارع البهلوان" حول ثلاثة أصدقاء "سعيد" المتزوج من "أمينة" الجميلة، لذا يغار عليها غيرة حمقاء، و"كامل" المتزوج من "زهيرة" التي تهوى الملاكمة، وتسيطر عليه بشكل كبير، و"إبراهيم" الرجل الرجعي المتزوج من "ميرفت" والمطمئن ظناً منه أنه يحكم السيطرة عليها.

لا يشعر كامل برجولته مع زوجته "زهيرة"، يبحث عن امرأة أخرى يحبها، ولأن "ميرفت" ضاقت ذرعاً بإغلاق زوجها الأبواب عليها، تبحث عن رجل يشعرها بأنوثتها، ما يجعلها تستجيب للخطابات الغرامية التي يرسلها لها كامل، بعد أن أقنع "سعيد" بكتابتها، دون أن يعرف أنها لميرفت، فتطرأ على ذهن سعيد فكرة أن يرسل نفس الخطابات إلى زوجته أمينة بخط كامل ليختبر إخلاصها.

يستأجر سعيد وكامل شقة في "شارع البهلوان" على أنها مكتب للعمل، وتكتشف أمينة حين تشكو إليها ميرفت من أمر الخطابات الغرامية أنها بخط زوجها سعيد، وفي الوقت نفسه تكتشف زهيرة أن خطابات أمينة بخط زوجها كامل، وفي الشقة يتلاقى الأصدقاء الثلاثة ويتهم كل منهم الآخر ويشك كل منهم في سلوك زوجته، وتنكشف اللعبة ويعرف سعيد مدى إخلاص زوجته أمينة.

البقية الحلقة المقبلة

حسن الإمام ينجح في إعادة شادية لكمال الشناوي على شاشة السينما

راقية إبراهيم ترفض مشاعر كمال الشناوي وتلقنه درساً في الحب

فاتنة أسيوط تتسول في الشوارع... فينقذها كمال من الضياع!

أزمة بين كاميليا والشناوي لرفضه تصوير القبلات في نهار رمضان
back to top