أنا من هدم البلد

نشر في 23-04-2016
آخر تحديث 23-04-2016 | 00:00
 يعقوب الزامل أنا السبب، نعم أنا السبب! أنا من هدم البلد، وأنا من سرق البلد، وأنا الذي لم أعط البلد، وأنا وراء تراجع البلد، أنا الجبان الذي سكت طول سنين ولم يعترف أنه السبب، أنا الذي لا يقدر عليّ من النواب أحد، يُستجوَب وزير ويُبعَد رئيس إلا أنا، ما درى عني أحد، والكل يبحث عن رضا من كان السبب، بيدي يتطور هذا الوطن وبيدي يحترق، أنا وراء كل سرقة لهذا البلد، وأنا وراء كل عاطل عن العمل، وأنا وراء كل جريمة بحق هذا البلد، نعم بيدي هدمت البلد، أنا (المواطن) سبب كل مصائب البلد، فأنا من خرج إلى الشارع لإصلاح البلد، فأهملت نفسي وتذكرت إصلاح البلد، الله كم أحبّ هذا البلد!

الحكومة مقصرة بحق بلدنا نعم، ولكن من السبب الحقيقي لإخفاقاتها؟ ومن سمح لها وللبرلمان بأخذ البلد إلى هذا الاتجاه؟ الجواب: نحن، فالحكومة إذا رأت أن عدداً كبيراً من المواطنين يسعون إلى الإصلاح ويلجأون بالوسائل القانونية إلى ذلك، وحديثهم في المجالس دعاء للوطن أو دعاء على من يعتقدون أنهم سبب ضياعه فإنها ستحسب ألف حساب لتقصيرها.

وفي المقابل فإن من يتحدث عن الإصلاح وينتقد الحكومة ويقول إنها مقصرة، ويقول أيضا إن النواب لا يخافون على المصلحة العامة، بل يخيفهم فقدان الكرسي الأخضر، وحاجة المواطنين لفيتامين (و) فهو التافه في هذا البلد.

فما السبب الحقيقي لهذا الاستخفاف؟ وإلى متى سنظل هكذا؟ السبب يكمن في تغيير أهدافنا الرئيسة والثانوية، فمثلا نحن شعب يتحدث عن زيادة المعاشات ونطالب بإسقاط القروض أو الفوائد، ونعترض على البصمة، ونسرق المال العام من خلال التوظيف الوهمي بالقطاع الخاص، واستلام دعم العمالة آخر الشهر، فلا نعطي كموظفي حكومة كل ما لدينا للمراجع، ولكننا نحب معاش آخر الشهر، والكثير الكثير من السذاجة التي تُضحك الحكومة علينا وعلى عقولنا الصغيرة التي تهتم بالتفاهات، ومع ذلك نخرج إلى الشارع بهدف الإصلاح! أي إصلاح هذا؟! هل الإصلاح كلمة نرددها كما الكثير، ونمشي "مع الخيل ياشقرا"؟

تخيلوا معي لو أننا عكسنا الواقع ورأينا المواطن يذهب للدوام وهو يشعر بالمسؤولية الوطنية تجاه بلده، ورأينا الذي يأخذ راتباً من الحكومة وهو في بيته ولا يعرف طريق الدوام، يشعر أنه إنسان سارق للمال العام مثله مثل أي شخص تطاول على مال الدولة، ويعلم أن السرقة سرقة سواء كانت مليوناً أو مئة دينار، فهنا ستحترم الحكومة عقولنا، والنائب يعرف أن خلفه إنساناً متحضراً سيحاسبه، وهنا يصبح التغيير حتمياً لا محالة.

لابد أن نتغير ونصبح شعباً متفتحاً، شعباً يطبق ما قاله الله ورسوله، شعباً يفتخر بإسلامه ووطنيته، شعباً لديه حميّة حقيقية على وطنه، لا حميّة بسماع الأناشيد فترة الأعياد الوطنية، بل حميّة حقيقية بالغيرة على الكويت، والشعور بإلزامية إعطاء كل ما لدينا لهذا الوطن.

يجب علينا أن نتطور كما تطور الآخرون، وأن نعشق القمة ونسعى لنصل إليها، وأن نشعر بالمسؤولية الحقيقية لتطوير وطننا الغالي وإصلاحه، فتتغير حكومتنا ومجلسنا، لأننا سنجبرهما على احترام عقولنا.

back to top