ائتلاف... غير مؤتلف!

نشر في 13-05-2014
آخر تحديث 13-05-2014 | 00:01
 حمد نايف العنزي اطلعت على ما أطلق عليه مشروع ائتلاف المعارضة، الذي قدم على أنه الرؤية المتفق عليها من قبل أطياف المعارضة كافة للإصلاح السياسي، فيما هو في واقع الأمر لا يعدو أن يكون رؤية "التكتل الشعبي" و"حدس" فقط، اللذين تجاهلا بقية التجمعات، ولم يتم الاستئناس برأيهم بطريقة تدل على أن المعارضة أو جزءاً منها بحاجة إلى أن تمارس الديمقراطية، وتؤمن بحرية الرأي والاختلاف قبل أن تطالب السلطة بها!

ومن يقرأ مقدمة المشروع التي غلب عليها الطابع الديني والكم الكبير من الآيات القرآنية والأحاديث والاستشهاد بالتراث الديني، يحسب أن جماعة "حدس" وحدهم من صاغوا المشروع، وأن كل ما فعله "التكتل الشعبي" هو التصديق عليه!

على أي حال، المشروع اشتمل على تعديلات لـ36 مادة في الدستور دفعة واحدة، وذلك بهدف: "توفير البيئة الدستورية والتشريعية الضرورية لقيام النظام البرلماني الكامل، وفك الارتباط المخل بين النظامين الرئاسي والبرلماني، وتفعيل سيادة الأمة على السلطات الثلاث، وتدعيم الحريات وحقوق الإنسان، وتطوير سلطات الدولة لتحقيق الحكم الصالح والرشيد ومكافحة الفساد"!

نظرياً... معظم التعديلات الواردة في المشروع مقبولة ومنطقية لأي مجتمع يرغب في التطور الطبيعي لممارسته الديمقراطية، وفيها تقليص لكثير من الصلاحيات الممنوحة للسلطة لمصلحة البرلمان، وهو أمر لابد أن يحدث يوماً ما وبشكل طبيعي كما في كل الديمقراطيات العريقة، فالتطور من سنن الحياة، والمكاسب السياسية تأتي رويداً رويداً للشعوب الحرة، بالطيب أو بالعافية... حسب رغبة كل سلطة!

وسيكون المرء ساذجاً أو مجنوناً لو رفض هذه التعديلات التي تمنح الشعب حكم نفسه بنفسه، أو على الأقل لا يلومنّ إلا نفسه في حال الإخفاق، فالعملية كلها تتم بإرادته ورغبته، وهو شريك في الحالين النجاح أو الإخفاق!

الآن نأتي إلى المهم، وهو كيف ينوي الإخوة مقدمو المشروع تنفيذه، وما الآلية التي سيستخدمونها لتحقيق ذلك؟!

الجواب، كما جاء على لسان مسلم البراك وطارق المطيري بأنها نفس الآلية التي مكنتهم من إجبار رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد لتقديم استقالته، وجعلت سمو الأمير يستجيب لها، أي بتجييش الشارع وبدء الحراك الشبابي من جديد!

فماذا إن لم يستجب سمو الأمير كما حدث في الحراك المصاحب لمرسوم "الصوت الواحد" والذي أحاله إلى حكم الدستورية التي وافقت عليه ليصبح أمراً واقعاً؟! ما الخطة البديلة؟!

ليس لدى أي منهم أي فكرة، ومن الواضح أنهم غير متقبلين- حتى في خيالهم- لفكرة الفشل!

على العموم، بعيداً عن عالم الأحلام والخيال، فإن الواقع اليوم أنه لا أحد يعاني ويبحث عن حل للأزمات السياسية سوى المعارضة من أهل المقاطعة الذين لم نستفد، ولم يستفيدوا من مقاطعتهم شيئاً، فقد خرجوا من دائرة الأضواء، وأصبحت الحكومة تمارس عملها بشكل سلحفائي كالمعتاد، وهي مع مجلسها الصديق في وفاق تام، والناس قد يئسوا أو تقبلوا الواقع وحمدوا ربهم على نعمة الأمن والأمان بعدما رأوا ما يحدث في البلدان المجاورة، وقبل هذا وذاك، حين تبين لهم أنه لا غنى عن الواسطات النيابية، وأن المقاطعة خسارة أي خسارة!

وفي حال كهذه، قولوا لي أيها السادة، ما الذي سيجعل السلطة تقبل بتقليص صلاحياتها لتلبي مطالب معارضة تعيش- خارج المجلس- بلا أي أدوات دستورية تضغط بها عليها؟!

على "التكتل الشعبي" و"حدس" أو المعارضة- إن شئتم- أن تبدأ مشروعها الإصلاحي من الداخل، وأن تعترف بخطئها في المقاطعة وأن تعود إلى البرلمان لتستخدم أدواتها الدستورية في جني المكاسب الشعبية بشكل تدريجي وطبيعي يتناسب مع عمر تجربتنا الديمقراطية بدل العيش في الأوهام، ومحاولة حرق المراحل بطريقة غير واقعية وغير قابلة للتطبيق في الكويت... على وجه التحديد!

back to top