«ماكو عذر يا كويت»!

نشر في 05-01-2013
آخر تحديث 05-01-2013 | 00:01
 د. وليد خالد الفلاح سؤال يطرح نفسه بقوة على ذهن كل كويتي عندما يغادر أرض الوطن إلى دول أخرى، ويرى ما وصلت إليه هذه الدول من تقدم وازدهار، هذا السؤال هو: لماذا تنمو وتتطور الدول الأخرى بينما الكويت تتراجع عاماً بعد عام؟!

ليس المقصود هنا بالتراجع على المستوى المالي والتجاري والاقتصادي فقط، ولكن أيضاً على مستوى الخدمات الأساسية من طب وتعليم وطرق ومواصلات حتى في الأدب والثقافة.

ما الذي حدث للدولة التي كانت في الماضي تلقب بلؤلؤة الخليج، وصارت الآن بحق لغز الخليج؟ كيف لدولة توافرت لها كل الإمكانات المطلوبة، بشكل لم يتوافر لأي دولة أخرى في التاريخ الحديث، لتصبح دولة مثالية يضرب بها المثل أن يكون هذا حالها؟ لو كانت الأرصفة في الكويت من رخام لكان هذا قليل!

لو تأملنا فيما يطرح من خلال وسائل الإعلام سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية أو حتى على شبكة الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، لوجدنا المئات من المقالات والأطروحات التي تحاول تشخيص الوضع الراهن وتسعى إلى تقديم حلول ومقترحات.

تصريحات القياديين والمسؤولين في الدولة تبشر بالخطط التنموية والمشاريع الطموحة والمستقبل الواعد للشعب والدولة. وبالإضافة إلى هذا الكم الهائل من التصريحات والمقالات والآراء، هناك العديد من الدراسات قدمت من مكاتب استشارية أو جهات عالمية أو فرق أجنبية متخصصة، لكن مع هذا كله يبقى السؤال المحير: ما هو السبب أو الأسباب في بطء دوران عجلة الرقي والتطور والتقدم في البلد؟!

الحضارات على كوكب الأرض يصنعها البشر وتعجز عنها الحيوانات والنباتات، لأن ما يميز البشر عن بقية الخلق هما "الفكر" و"الإرادة". الفكر والإرادة هما العنصران الأساسيان ولا يمكن الاستغناء عن أحدهما أو كلاهما. الفكر يبين ويحدد لك الطريق الذي يجب أن تسلكه. أما الإرادة فهي وحدها القادرة على أن تجعلك تمشي على هذا الطريق.

لكن معظم الناس يخلط بين الفكر والإرادة وهؤلاء يعتقدون، وهم واهمون، أن إدراكك لشيء ما يجعلك قادراً على تنفيذه أو القيام به. يقول الفيلسوف الألماني العظيم آرثر شوبنهاور: "الإرادة لا يمكن تدريسها". ونستطيع أن نقدم دليلاً بسيطاً من واقع الحياة اليومية على صحة هذا الكلام الحكيم، فالغالبية من البشر يدركون تماماً الآثار الضارة للتدخين ونتائجه السلبية على الصحة والأمراض التي قد تنجم عنه، حيث إن حكومات الدول المختلفة والمؤسسات المدنية فيها والمنظمات الصحية العالمية قد بذلت جهوداً كبيرة وصرفت مبالغ مالية طائلة لتوعية الناس بمضار التدخين. ورغم ذلك فإن أعداد المدخنين في ازدياد، لأن الفكر والإدراك شيء والإرادة شيء مختلف تماماً.

بناءً على ما سبق فإن التحدي أمام الكويت هو الآتي:

1- إحداث نقلة نوعية في الفكر السائد، وبالذات في القطاع الحكومي، من فكر الإدارة التقليدية وهي إدارة الأحداث والأزمات إلى الفكر الجديد وهو الإدارة بالأهداف والمبادرات.

2- ضرورة وجود الإرادة الفاعلة القادرة على الإنجاز والتنفيذ، وإلا ظلت المشاريع حبيسة الأدراج وبقيت الخطط مجرد حبر على ورق.

3- أهمية تأصيل الاعتقاد الجازم بأن التطوير عملية مستمرة لا تتوقف ولا تنقطع.

تترد هذه الأيام عبارة "كويت الأمس ودبي الحاضر وقطر المستقبل" ويستعملها بعض المحبطين من الواقع في الكويت للتعبير عن تشاؤمهم من المستقبل القادم. هذه العبارة خاطئة ويجب تصحيحها، لتكون حقاً مشروع الدولة وهدف الشعب، إلى: "كويت الأمس وكويت الحاضر وكويت المستقبل".

كويت الأمس أصبحت تاريخاً يمكن دراسته وتمحيصه للاستفادة من تجاربه وعبره، وكويت الحاضر واقع يومي نعيشه بما فيه من إيجابيات وسلبيات، أما كويت المستقبل فإنها تنتظر منا القرارات الصائبة والأفعال الرائدة. إنه قانون السبب والنتيجة أو الفعل ورد الفعل، وفي نهاية المطاف إنما هي أعمالكم ترد إليكم.

back to top