حوار الطرشان: يا حكومتي (2)

نشر في 28-09-2013
آخر تحديث 28-09-2013 | 00:01
يا حكومتي... رغماً عن أنف القليل، الوطن للجميع، فهذا الإقليم الذي ندرج على وجه ونلعب على ترابه، للسنّي مثلما هو للشيعي، ولأبناء القبائل مثلما هو لأبناء الحضر، كلهم كويتيون لا فضل لأحدهم على الآخر إلا بقدر منفعته لوطنه، ولن يتأتى ذلك ما لم نغرس إحساس المواطنة في نفوس النشء لكي يشبوا أسوياء نافعين خالين من العقد الاجتماعية.
 فيصل الرسمان يا حكومتي... إن التعليم تحرص عليه الدول الحيّة حرصها على الماء، حرصها على الهواء، لأنه الأساس لكل بنيان نراه في تلك الدول.

والتعليم إذا ما خطط له بشكل سليم ومتقن يؤدي بالضرورة إلى نمو الأفكار في النشء ليجعلهم قادرين على التكيف مع جميع المشكلات التي يواجهونها في الواقع العملي، كما أنه يقوم بتنظيم الخبرة لديهم عن طريق تدريب عقولهم، ويبعث على الثقة في نفوسهم، وبالتالي نجني ثمار هذا العلم من تلك الكوكبة من الشباب الذين يحملون في جماجمهم عقولاً نيرة قادرة على الابتكار والتطور.

كما أن الدول الحيّة تحرص على الصحة حرصها على الماء، حرصها على الهواء، لأنها تعنى بالجسم الإنساني منذ الصغر، ليكون خالياً من الأمراض التي تعوقه عن طلب العلم وكسب المعرفة، لأن القاعدة تقول -العقل السليم في الجسم السليم- وبالتالي يجب أن يستفيد منها الجميع بشكل متساو ومنتظم.

يا حكومتي... أنا لم أتصور يوماً من الأيام أن يصبح التعليم وتكون الصحة مجرد سلع تباع وتشترى، فهذا يعرضها على الرصيف على المارة، وذاك في الدكاكين، غايتهما كسب الدراهم من بيع العلم والصحة على النشء والشباب والكهول وكبار السن، والباعة في عرضهم لتلك السلعتين يخضعون لقانون العرض والطلب الذي يعرفه الاقتصاديون.

فمن أين أجد لك عذراً؟! وإن اصطنعته من يصدقني؟!

يا حكومتي... رغماً عن أنف القليل، الوطن للجميع، فهذا الإقليم الذي ندرج على وجه ونلعب على ترابه، للسنّي مثلما هو للشيعي، ولأبناء القبائل مثلما هو لأبناء الحضر، كلهم كويتيون لا فضل لأحدهم على الآخر إلا بقدر منفعته لوطنه، ولن يتأتى ذلك ما لم نغرس إحساس المواطنة في نفوس النشء لكي يشبوا أسوياء نافعين خالين من العقد الاجتماعية.

لكن ما أراه وأسمعه وأشاهده كل يوم من أيامي الطوال القصار، يختلف تمام الاختلاف عمّا أفكر فيه وأتمناه، حتى أضحى تفكيري مجرد خيال، وأمنياتي آمالاً تسلمني بدورها إلى آمال.

فكم من عقلية أُبعدت، وكم من إبداع قُتل، وكم من طموح تحطم، والجاني في كل تلك الجرائم واحد، هو الفئوي الذي سيطر على مناحي الأمور تقريباً، فهذه النخب المصطفاة احتوت على كل شيء ولم تترك شيئاً، في ظل دولة لديها من الأموال ما يجعلها مستقلة عن تلك النخب التي ترى بنفسها خصاصة، الأمر الذي جعل من المزاجية المحرك الأساس للقبول في الجهات الإدارية حتى أضحت هذه المزاجية بمنزلة القانون الذي يجب أن يحترم، فإن أنت طابقت مزاجهم وسرت على دربهم ركبت في الصف الأخير معهم، وإن خالفت تلك الأمزجة يتم رميك على الرصيف دون شفقة.

يا حكومتي... إن النخبة فكر استئصالي مقيت لا يرى غيره أحق منه في هذا البلد، وهذا الفكر عانت منه الشعوب الأوروبية حقباً طويلة من الزمن، إلى أن تخلصوا منهم بفرض سيادة القانون الذي جعل المواطنين على مسطرة واحدة.

* نافل القول...

إن المواطن إذا فقد الإحساس بالمواطنة نظر إلى الوطن نظرة الغريب عنه، ونظر إلى المواطنين غيره نظرة المرتاب المتوجس، فحتى يشعر بالمواطنة ويحس بها يجب، عليك تطبيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، والحرية بمفهومها الواسع... والسلام.

back to top