كيفية الحد من خطر كوريا الشمالية

نشر في 08-05-2013
آخر تحديث 08-05-2013 | 00:01
انضمت الإدارة الأميركية إلى بكين في إعادة تأكيد هدف نزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية كعنصر رئيس في «علاقة قوية وطبيعية ومميزة مع الصين» تسعى إليها الولايات المتحدة، وفق ما أعلنه كيري.
 هافينغتون بوست بفضل الدبلوماسية الراسخة التي يطبقها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ورئيسة كوريا الجنوبية بارك غون هي، والقادة الصينيين، تراجعت حدة خطاب كوريا الشمالية المشين، التي ما انفكت تهدد بشن هجوم نووي. ويبدو أن بيونغ يانغ لم تنفذ حتى اليوم الخطوتَين الاستفزازيتَين المحددتَين اللتين لوحت بهما: القيام بتجارب على صواريخ باليستية واختبار نووي رابع.

رغم ذلك، لم ينتهِ خطر كوريا الشمالية المتنامي، وما زال الحذر ضرورياً؛ لذلك تطرح حكومات الدول الأكثر عرضة لتهديدات بيونغ يانغ سؤالاً بالغ الأهمية: ما العمل؟

من حسن الحظ أن الجواب واضح: على الولايات المتحدة، والصين، وكوريا الجنوبية، بدعم من روسيا واليابان، أن تنضج العملية الدبلوماسية التي أطلقتها مع اشتداد أزمة كوريا الشمالية خلال الأسابيع الماضية.

أتاحت هذه الأزمة لواشنطن أن تتخلى عن سياسة "الصبر الاستراتيجي" الفاشلة، التي اعتمدتها في تعاملها مع بيونغ يانغ، وأن تتبنى مقاربة واعدة، فقد اتبعت إدارة أوباما للمرة الأولى منذ تسلمها السلطة عام 2009، الدبلوماسية (والتعاون اللصيق مع الصين) كوسيلة للحد من برامج بيونغ يانغ النووية والصاروخية.

انضمت الإدارة إلى بكين في إعادة تأكيد هدف نزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية كعنصر رئيس في "علاقة قوية وطبيعية ومميزة مع الصين" تسعى إليها الولايات المتحدة، وفق ما أعلنه كيري.

خلال محادثات منتصف شهر أبريل مع المسؤولين الصينيين، ذكر كيري أن البلدين "ملتزمان بالتوصل إلى حل سلمي [لأزمة كوريا الشمالية]. ونقول لكيم يونغ أون وحكومة كوريا الشمالية... إن أمامهما خياراً واضحاً في هذا المجال، ألا وهو الانضمام إلينا في الجهود التي نبذلها للتوصل إلى حل من خلال المفاوضات".

أكد وزير الخارجية الصيني، يانغ جايشي، أن "الصين ملتزمة بثبات بالحفاظ على السلام والاستقرار وتعزيز عملية نزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية. ونصر على ضرورة التعامل مع هذه المسألة وحلها سلمياً من خلال الحوار والتشاور". وأضاف: "تخدم معالجة المسألة النووية الكورية الشمالية بالشكل الملائم المصالح المشتركة لكل الأطراف".

كي تعزز الصين والولايات المتحدة تعاونهما الجديد بشأن كوريا الشمالية، من الملح أن تنسقا خطواتهما معاً لتزيدا الضغط على بيونغ يانغ، مقدمتَين لها في الوقت عينه حوافز سياسية واقتصادية. ومن الواضح أن هذا ما بدأتا القيام به، مع الزيارة الأخيرة التي قام بها الموفد الصيني إلى كوريا الشمالية، وو داواي، إلى واشنطن للتشاور.

لن تنجح هذه الشراكة من دون مقاربة متوازنة من الضغوط والحوافز تعكس أن مصالح الولايات المتحدة والصين المشتركة تقتضي حل النزاع مع كوريا الشمالية سلميا. فمن خلال الأدوات الأساسية للدبلوماسية (الترغيب والترهيب)، تستطيعان معاً دفع بيونغ يانغ في الاتجاه الصحيح، متفاديتَين في الوقت عينه الحرب في شبه الجزيرة الكورية.

تكمن الأهمية الكبرى لهذه الزيادة الملموسة في التعاون بين واشنطن وبكين في الشأن الكوري الشمالي في احتمال أن تؤدي إلى تحسن واسع في العلاقات الأميركية-الصينية. كانت هذه العلاقات قد تراجعت على نحو خطير نحو نهاية ولاية الرئيس أوباما الأولى، عندما أعلنت الإدارة الأميركية أنها "تعيد تمركز" عدد كبير من القوات العسكرية الأميركية في المحيط الهادئ الآسيوي كجزء من "استدارتها" نحو المنطقة، فبدا من المبرر أن يعتبر مراقبون كثر في الصين هذه الخطوة جزءاً من سياسة احتواء فاعلة صُممت لتطويق الصين استراتيجياً.

إذا نجح التعاون اللصيق مع الصين في الشأن الكوري الشمالي، فسيمنح إدارة أوباما فرصة سياسية ودبلوماسية كبيرة للبدء بالحد من الاحتكاك العسكري بين البلدين بشأن عدد من المسائل الأمنية القديمة، بما فيها عمليات المراقبة العسكرية الأميركية قرب الساحل الصيني والتهديد العسكري الصيني الكبير لتايوان.

لا شك أن الحد من عمليات القوات الأميركية لجمع المعلومات قرب الأراضي الصينية، مقابل أن تخفض بكين ضغوطها العسكرية على تايوان (من خلال نزع الصواريخ الباليستية القصيرة المدى، فضلا عن إعادة توزيع القوات الجوية والبحرية التي تهدد اليوم الجزيرة)، سيساهم كثيراً في ترسيخ العلاقات الأميركية-الصينية.

علاوة على ذلك، قد يؤدي التعاون الناجح بشأن كوريا الشمالية إلى حل سلمي للخلاف الراهن بين اليابان والصين حول ملكية عدد من الجزر غير المأهولة قرب تايوان، التي تطلق عليها الصين دياويو واليابان سينكاكو.

لا تعرف الولايات المتحدة بملكية أي من هاتين الدولتين لهذه الجزر، وقد حضتهما بشدة على التوصل إلى حل سلمي يمكن تحقيقه بإحالة هذه المسألة إلى المحكمة الدولية لقانون البحار، هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة تتولى البت في النزاعات البحرية.

ولكن كي يحدث ذلك، على حكومة رئيس الوزراء شينزو آبي اليمينية المنتخَبة حديثاً في اليابان أن تعترف بالنزاع القائم، علماً أنها ما زالت تأبى ذلك حتى اليوم، ولا شك في أن إعلانات آبي القومية الأخيرة وعناده المتزايد وسط الأزمة الكورية الشمالية (ما أدى إلى تراجع كبير من جهة سيول وبكين) قد يسيئان إلى المصالح الأميركية والتحالف الأميركي-الياباني لأنهما يعيقان الجهود الرامية إلى حشد الدعم الصيني لاحتواء بيونغ يانغ.

في الأسبوع الماضي، أنكر آبي، على ما يبدو، حقيقة الهجوم الياباني أثناء الحرب العالمية الأولى وقبلها، حين قال: "ما زال علينا أن نحدد تعريف ما يُعتبر اعتداء... فتبدو التطورات التي تحدث بين الأمم مختلفة وفق الجانب الذي تنظر إليها منه".

ولكن حري برئيس الوزراء الياباني أن يتذكر كلماته الحكيمة التي تفوه بها عام 2007 خلال ولايته الأولى في السلطة، حين قال: "أوافق القادة الصينيين رأيهم، فعلينا أن نبني معاً علاقة مفيدة للطرفَين تستند إلى مصالح استراتيجية مشتركة. ثمة مسائل عدة يمكننا تناولها، مثل البيئة والطاقة وكوريا الشمالية والتنمية الآسيوية الشرقية وإصلاحات الأمم المتحدة، وغيرها. وأعتقد أن تعاوننا في هذه المسائل لن يعود بالفائدة على اليابان والصين فحسب، بل على آسيا والعالم بأسره أيضا".

Donald Gross

back to top