الوطنية في فكر أبنائنا

نشر في 24-12-2011
آخر تحديث 24-12-2011 | 00:01
 نوال أحمد الصالح كنت أجلس مع ابني، وكان حزينا لأني لم ألبِّ له أحد طلباته الغريبة التي ينسجها خياله البريء، ويحاول أن يطبقها على أرض الواقع، فنظر إليّ غاضباً وقال: «أنا ماحبج وراح أروح الكويت»، فنظرت إليه مبتسمة، وقلت له أنت في الكويت، ورد عليّ مصراً: «لا هذا بيتنا وأنا مابيكم وبروح الكويت»، فنظرت إلى براءة عينيه وسألته: «وين الكويت»، فرد علي: بأنه سوف يركب السيارة ويرحل بعيدا إلى الكويت.  كنت أعتقد أنه يعني برحيله بأنه سوف يذهب إلى دبي، فقلت له «تبي تروح دبي»، فأجابني «لا أبي أروح الكويت»، وأخذنا نتجادل بحوار أروع من الجمال حول المكان الذي يريد الذهاب إليه، فهو مصرّ أن يرحل إلى الكويت، وأنا أحاول جاهدة أن أشرح له أنه الآن داخل الكويت، فذكرت له جميع الأماكن المحببة إلى قلبه: بيتنا، المدرسة، الشاليه، الجاخور، المزرعة... كلها أماكن يحبها، وقضى فيها أجمل الأوقات وكلها في الكويت، فنظر إليّ بأجمل عينين وهو يتذكر معي كل متعته التي قضاها في هذه الأماكن، فقام وحضنني، وقال: «أحبج يمه لأنج تسوين كل شي حلو لي». تركني ابني بعد هذه الكلمات الجميلة التي خرجت من قلبه صادقة ونقية، وأنا أشعر بالخجل من نفسي وفي حيرة، فابني مازال لا يفهم معنى الكويت، ولكنه استطاع بقليل من الخيال والتذكر للحظاته الجميلة التي قضاها على أرض الوطن أن يعشقها ويحبها، وتخرج الكلمات منه صادقة بحب الوطن، قد يكون توجيه الحديث لي بالحب والعاطفة لأنني أمه، وأنا بالنسبة إليه وطنه الذي يحقق له كل متعته وطلباته، ولكنه بالأساس يعشق بلده الذي لعب على شاطئه ولعب مع حيواناته الأليفة على مساحاته الشاسعة ومع نسمات جوه العليل. فكيف لا يحبه ولا يتعلق به؟ كم شعرت بالخجل من نفسي كأم لم تحاول أن تعزز مفهوم الوطن والوطنية في قلوب أبنائها، قد يكون عزائي الوحيد هو اعتقادي أنه مازال صغيرا على هذا المفهوم! إلا أنني أصبحت على يقين أنه ليس هناك سن معينة لغرس حب الوطن في نفوس أبنائنا. يكفينا حوار صغير وصادق حول نعم الله علينا من أمن وأمان على أرض البلاد، فإن كان الوطن بالنسبة إلينا هو بيت ومعاش ورفاهية وأمان وترابط أسري واجتماعي، فهو بالنسبة إلى أبنائنا أم وأب، وشاطئ وبر، فالوطن بالنسبة إليهم هو المكان الذي يلبي لهم كل طلبات خيالهم الواسع، والبيت الذي يأخذون منه كل حب وعاطفة يحتاجون إليها. إن كل ما نحتاج إليه هو الوقت والحب والإيمان... قال تعالى: «رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ».

ملخص القول: إن حب الوطن لا يحتاج إلى دراسة وتعليم، والتعرف على حب الوطن لا يكون بكيف ولكن بلماذا؟

back to top