خذ وخل: ليبرالية العروبي!

نشر في 19-01-2011
آخر تحديث 19-01-2011 | 00:01
 سليمان الفهد • هل جاءكم نبأ فعلة أخينا «الليبرالي» المتشح «ببشت» المحافظة وعباءتها الخاضعة لسطوة «عاداتنا وتقاليدنا» البالية؟! أتحدث- تحديدا- عن صديق خبرته مستنيرا ومنيرا، بمواقفه في السياسة وفي الحياة اليومية بعامة. من هنا كان بديهياً أن يختار لقب «أبو لولو» يكنى به ويعرف؛ لأن «لولو» هو اسم مولودته البكر، على الرغم من أن هذا الاختيار يعد شاذا غير مألوف في عرف المجتمع ذي الجذور القبلية! لكن صاحبنا شاء أن يغرد خارج السرب القبلي، ويبحر ضد تياره!

وهو موقف ينطوي على شجاعة وفروسية؛ متناغمة مع ممارسته كناشط سياسي في مجال حقوق الإنسان، ومن نافل القول الإشارة إلى أن اختياره لقب «أبو لولو»، كان موضع تقدير وإعجاب الكثيرين، والعبد لله أحدهم! لكن هذه المشاعر تلاشت، حين رزق صاحبنا بمولود ذكر سماه «راشد» ربما تيمنا بالحكومة الرشيدة!

الشاهد أنه بادر فور إطلالة «راشد» بتغيير لقبه من «أبو لولو» إلى «أبو راشد» دون أن ترف له عين الاستنارة وترمش! وكأن «لولو» الآنسة المصونة والدرة المكنونة، كما طاقية رأس يخلعها ويستبدلها بغيرها! ومن هنا أصدر صاحبنا «فرماناً همايونياً» بمحو «لولو» ووأد لقبه الذي ينتسب إليها، وإشهار «بو راشد» لقبه الذكوري اللائق به، كإنسان تسكنه القبيلة، وإن اعتمر قبعة «الليبرالية» وبرنيطة الاستنارة! والأنكى: هو محاولته اللعب على حبلي الاسمين، كبهلوان في السيرك! فتارة لا بأس عليه من أن يكون «أبو لولو» وتارة أخرى يتشبث بلقب «بو راشد» لكونه يروق للقبيلة، ويرضخ لمعايير المجتمع الذكوري! ولو كنت مكانه لنحتُّ لقبا توفيقيا تلفيقيا يرضي «لولو وراشد» معا! كأن يلقب نفسه بأبي «رالو» أو «لوشد» أو «لور» أو أي لقب «حركي» يلائم دور الناشط السياسي الحقوقي الذي يمارسه و»يلعبه» علينا نحن معشر مريديه! والله سبحانه أعلم بحال «لولو» التي وئد اسمها ودفن في «الحرملك» ربما لأنه في عرف «عاداتنا وتقاليدنا» عار وشنار لا يليق به أن يكون لقبا لأبيها!

• والحق أن أخانا ليس بدعاً وحده، لسوء حظ حواء اليعربية، المتشحة بملفع الإقصاء والميز والتعسف، وكل مفردات قاموس المجتمع الذكوري إياها! من هنا تجد أن جل الآباء ملقبون بألقاب قدت من أسماء ذكورية، وإن كان ولدهم البكر أنثى توحد الله! ربما لأن سطوة العادة، لا خلاص منها إلا عبر قلب الأسد الذي لا يأبه لغضب المجتمع والقبيلة سواء! لكن الذي يحدث دوما وعادة يكمن في أن الجميع يلحسون ألقابهم المنتسبة إلى حواء، ليلعلع اللقب الذكوري بزهو أنوف! ولعل صاحبنا يردد قول الشاعر، في معرض تبريره الذي «يبربر» به للأصحاب بأن تذبذب موقفه خارج من رحم التأسي بأقرانه من بني قومه، رغم أنف «الليبرالية» قبيلته الجديدة التي اختارها! ولعل لسان حاله يجتر قول الشاعر:

وما أنا إلا من «غزية» إن غوت... غويت، وإن ترشد «غزية» أرشد!

(ملاحظة للقراء المصريين الذين يعرفون «الغازية» نقول بأن الأخيرة لا تمت إلى «غزية» بصلة). ما علينا، فالشاهد أنه مثلما ادعيت وكتبت أن ديمقراطيتنا بدون ديمقراطيين، أزعم بأن ليبرايتنا، هي الأخرى، بدون ليبراليين! كأن تجد مواطنا يعتمر «غترة» الليبرالية والانفتاح خارج داره، لكنه يطيح بها حالما يدلف بيته، ويكون وسط عياله وأمهم! فيكشر عن أنياب «البطيركية» الطاغية في قوله وفعله!

وكأن خيارات المرء وقناعاته أقنعة يبدلها المرء لتلائم المقام والذي منه! وقد يجد صاحبنا «أبو لولو» سابقا، و»أبو راشد» لاحقا بعض العزاء في عادة القوم الذين اعتادوا على حذف اسم العروس الأنثى من متن دعوة حفل الزفاف، مكتفين باختزالها بنعت «كريمة فلان» مع أن كريمة ليس اسمها الذي قد يكون «موزة أو ميثة، أو هيلة...» في الوقت الذي يتصدر فيه اسم العروس الذكر كاملا صريحا! ولعلي لست بحاجة إلى التدليل على ظاهرة تهميش المرأة الساعية إلى النكوص بها إلى «الحرملك» سيئ الذكر! حسبنا أن أسماء الذكور الأعلام، يستأثرون بأسماء المرافق والمدن والضواحي والشوارع وغيرها.

وما الأسماء الأنثوية القليلة الحاضرة فيها، إلا لذر الرماد في العيون الحقوقية، التي تبحلق في ممارستنا في مجال المساواة بين المواطنين «حريما» ورجالا! رغم أن أسلافنا كانوا «ينتخون» باسم المرأة وقت الشدة، وعند الضرورة كهتافهم «أنا خو نورة، أنا خو مريم» لأن المعنيتين كانتا تنعتان «بأخت الرجال»! وكأن الرجولة هي المعيار الأوحد للسواء والفعل بتبدياته كافة!

وقد يبدو موضوع مقالتي اليوم هامشيا لا يستأهل الاهتمام، لكني أجده منيرا يفضح سوءة التناقض بين الاستنارة العلنية، والممارسة السلوكية النافية لها بامتياز!!

* ملحوظة: العروبي باللهجة المغربية العامية الدارجة تحيل إلى الإنسان الصحراوي البدوي «الخكري».

back to top