خذ وخل: غضب إرادة الحياة

نشر في 02-02-2011
آخر تحديث 02-02-2011 | 00:00
 سليمان الفهد • شاءت المصادفة أن يكون سكني في قاهرة المعز، بشارع قصر النيل؛ حيث فضاء الغضب الهادر يحيط بشقتي من كل صوب! ومن الشرفة يمكن مشاهدة ميداني «طلعت حرب» و»التحرير»، بينما نقابة الصحافيين تبعد عن منزلي دقائق معدودة، والحال «شرحه» بشأن موقع نقابة المحامين؛ الأمر الذي يحرضني على الزعم بأني شاهد متاح له رؤية المشهد المترع بالغضب العارم بالعين المجردة؛ زد على ذلك تواصلي المستمر بالعديد من الشباب والكهول (من الجنسين) المرابطين في ميدان التحرير من عشية يوم الجمعة الماضي، فضلا عن مشاركتهم بمظاهرة 25 يناير الماضي.

وأحسبني لا أذيع سراً إذا ذكرت بأن «دار ميريت للنشر» باتت «رباطاً» يحتشد بالشباب الذين دعوا وقادوا الناس إلى التظاهر الاحتجاجي؛ متجاوزين الأحزاب كافة، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين، وأستطيع القول إن الشباب الغاضب ماضون في مسيراتهم الاحتجاجية إلى حين تجلي مطالبهم المشروعة على الأرض، والتي ذكرتها في المقالة السابقة من خلال اقتباسي لفقرة دالة لمقدمة كتاب «مصر المحروسة: رؤية ومنهاج للتغيير الديمقراطي وإعادة البناء» للدكتور «علي السلمي» والناشر «دار ميريت» ذاتها، ولأن الدار تبعد أمتارا قليلة عن ميدان التحرير تجدها دوما ليلا ونهارا محتشدة بالمحتجين بغية التشاور وشدّ الأزر؛ وما إلى ذلك من ممارسات خاصة بشؤون المظاهرات وشجونها.

• فوجئت صباح مظاهرة المليون بأخينا عم عبده الزبال يلعلع بتحية الصباح قائلا: صباح «الياسمين» ياعم الحج! قلت متوجساً أتقول صباح الياسمين؟! و«مالها صباح الفل» التي يغرد بها كل مصري صباحا؟! قال: الفل فل عليه، راحت عليه، فنهارنا ياسمين قول آمين، وتلفتُّ يمينا ويسارا، ومن ثم قلتُ: آمين. خشية أن أضم إلى «الضالين»!

حين غادرني جاءني شاب سلمني منشوراً يقول: بلدنا أمانة في أيدينا، تعالوا نحمي بلدنا، التوقيع شباب شبرا، وعلمت أنه ينتمي إلى اللجنة الشعبية لحي شبرا الشعبي العريق الحاضن للأقباط والمسلمين سواء. ووجدتني أستدعي إلى الذاكرة اللجان الشعبية التي أقامها الصامدون في الكويت المحتلة، استجابة لتحديات الاحتلال التي جابهوها بروح وطنية مسؤولة، ولعل الغياب المفاجئ لقوات الأمن، وما أعقبه من عمليات سلب ونهب، هما اللذان حرضا الناس على إنشاء هذه اللجان؛ لحماية الأحياء من ممارسات البلطجة التي وأدها حضور القوات المسلحة؛ حامية مصر في كل حين، والحق أنه مازال غياب قوات وزارة الداخلية المفاجئ محل عجب ودهشة وتساؤل من قبل أفراد الشعب المصري كافة! وفي هذا السياق دبج العديد من الكتاب الصحافيين المصريين مقالات عدة تتمحور حول «الهروب الكبير» لضباط الشرطة وجنودها على حين غرة، بصيغة تدعو إلى الربية المعجونة بالخشية من لعبة خلط الأوراق العبثية، أقول ذلك لأن فعلة استباحة بعض مرافق البلد جوبهت باستنكار شعبي عام؛ مدجج بالخشية على الوطن من أي فعلة مريبة تسعى إلى احتواء الغضب الجماهيري بـ«سيناريوهات» تخلط حابل الثورة الشعبية العفوية، بنابل فوضى «السداح مداح» المشرع على المجهول المرعب!

ولعل حالة التسيب التي أضيرت فيها بعض الممتلكات والأرواح صحّت عامة المواطنين وخاصتهم على توخي الحذر الشديد من المندسين، ومن ينعتون بالطابور الخامس، ومن لف لفهما! ولذا صار كل مواطن- بحق- خفيرا لحماية الحراك الثوري الشعبي من أي سوء.

ولعل خير ما نختم به هذه الخاطرة هو نتفة مختارة من قصيدة «إرادة الحياة» المهداة إلى أبي القاسم الشابي، للشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، المنشورة بصحيفة «المصري اليوم» الاثنين الماضي:

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يتحرر من خوفه

ويحمـــــــــل في كــفـــــــــــه روحـــــــــه إلى أن يستجيب القدر

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top