الأمن مستتب!

نشر في 10-09-2010
آخر تحديث 10-09-2010 | 00:00
 أحمد مطر أمل الغد

الزقاق مكتظ بالمخبرين... والبيت ممتلئ بالمخبرين. فكر في كيفية الخروج. قرر أن يصعد إلى السطح، وأن يقفز إلى سطح الجيران. صعد، فطّوقه جيرانه المخبرون. رمى بنفسه إلى الزقاق... سقط فوق مجموعة من المخبرين.

تناقل المخبرون في المدينة خبر الفاجعة التي أودت بحياة خمسة مخبرين كانوا يؤدون واجبهم، إضافة إلى المخبر الخائن المنتحر.

اقتادت قوّة من المخبرين ثلاثة مخبرين من أهل المخبر المنتحر... كان تقريره قد أكد خيانتهم، بينما بقي أفراد قوة المخبرين القابضة، ينتظرون بأمل فرصة القبض عليهم بناء على تقارير المخبرين الآخرين.

وكما تنتهي غالبية الأفلام بميلاد طفل كرمز للأمل في البقاء والتواصل... يسرنا هنا، أن نؤكد للجماهير المتطلعة إلى غد مشرق سعيد، أن مخبرة من أهل الزقاق، وهي لحسن الحظ حامل في شهرها الأخير، شعرت بآلام المخاض، ولم تلبث أن انطلقت من بين فخذيها صرخة تقرير مؤنث.

صاح المخبر الفرحان بمولودته الأولى: نسمّيها «وشاية»!

فساد

قُمعت الانتفاضة الشعبية بكل أنواع الأسلحة. وكان من نصيبنا أن سقط في بيتنا صاروخ. وكان من سوء حظنا أنه لم ينفجر.

صبرنا عليه حتى المساء... ولم ينفجر.

صلّينا ودعونا أن يفجّره الله تفجيراً... لكنه لم ينفجر.

انفجرت أمي بالبكاء.

قال أبي بحرقة: إذا لم ينفجر هذا الصاروخ الملعون ويقتلنا، فسيقبض علينا ونُعدم بتهمة حيازة ممتلكات عائدة للدولة.

قُلت لأبي مواسياً: سنقول لهم إننا كنا مستعدين تماماً، لكن الصاروخ هو الذي رفض أن ينفجر.

قال أبي: سيتهموننا بإعاقة عمل صاروخ أثناء أداء واجبه الرسمي.

داهم بيتنا خبراء المتفجرات، وحملوا الصاروخ وهم في غاية الشعور بالخيبة والامتعاض.

قال لنا الضابط الكبير: لا تخرجوا... امكثوا في البيت... سنرسل، في الوقت المناسب، طائرة لقصفكم.

تنفسنا الصعداء، بعدما زالت عنّا التهمة.

وبينما كنا ننتظر الطائرة الموعودة، سمعنا في الإذاعة خطاباً تاريخياً للرئيس، تكلم فيه بغضب وضراوة عن صفقة الصواريخ الفاسدة!

فروض الواجب

في وقت متأخر من الليل، دقَّ جرس الهاتف في منزل رئيس المخابرات، واستيقظت زوجته التي كانت نائمة في ذلك الوقت المتأخر من الليل، والتي لم يكن زوجها نائماَ معها في ذلك الوقت المتأخر من الليل.

رفعت سماعة الهاتف، وألقت كومة هائلة من التثاؤب: «ألو»...

جاءها الصوت من الطرف الآخر: أيقظيه حالاً. المسألة في غاية الخطورة.

فغرت فمها، وانعقد لسانها لفرط ما استبد بها من ذعر، وبعد تردد غير قصير، تساءلت بصوت مضطرب، وهي تلقي نظرة جامدة إلى الرجل النائم بجوارها: من حضرتك؟ جاءها الصوت: أنا رئيس الجمهورية. أين زوجك؟

عندئذ تنفست الصعداء، وألبست صوتها غلالة من المودة والترحيب: أهلا فخامة الرئيس. إنه لم يعد حتى الآن.

تساءل الرئيس حانقا: أين يكون في مثل هذا الوقت؟

ردت عليه قائلة: في كل مكان يا فخامة الرئيس. تلك هي عادته كل ليلة. لا يعود إلا في مطلع الصباح. يقول إن واجبه يفرض عليه أن ينبش شبراً شبراً... بحثاً عن الخونة

• شاعر عراقي

back to top