إلغاء القبيلة

نشر في 16-04-2010
آخر تحديث 16-04-2010 | 00:01
 فالح ماجد المطيري كتب زميلنا الفاضل والأستاذ الخلوق سامي النصف قبل أيام مطالباً بإلغاء اسم القبيلة من الوثائق الرسمية والاكتفاء باسمين، تأسياً بما يحدث في الولايات المتحدة والدول الغربية، وهو ليس أول من كتب ولا آخر من سيكتب حول هذا الموضوع.

ومع ثقتي بحسن نية أستاذنا ونبل مقاصده بأن إلغاء اسم القبيلة من وثائقنا الرسمية هو الحل الأمثل للقضاء على كل ما يهدد الوحدة الوطنية من سلبيات، لكن ليسمح لي أستاذنا الفاضل أن أختلف معه فيما ذهب إليه، فما يهدد نسيج وحدتنا الوطنية الذي أصبح أوهى من نسيج العنكبوت هذه الأيام أخطر وأعمق من مجرد اسم قبيلة يكتب في الوثائق الرسمية، فمذاهبنا الدينية لا تكتب في وثائقنا، إلا أننا نعيش حاليا أسوأ حالات الفرز والتخندق الطائفي، وما حالة الاحتقان الظاهرة على السطح إلا رأس جبل الجليد والخافي أعظم وأخطر.

تحول القبيلة من كيان اجتماعي- الانتماء إليه لا يمثل حالة سلبية- إلى كيان سياسي قادر على استيعاب كم هائل من المنتمين إليها على اختلاف توجهاتهم ومستوياتهم الفكرية، ما هو إلا ردّة فعل وحالة طبيعية للغياب المعنوي لكيان الدولة وتهميش القانون، وبالتالي تشويه معنى المواطنة الحقيقية وتصدر "شلة" من الجهلة والسفهاء أعطت نفسها حق احتكار وتوزيع المواطنة على من يتوافق مع أهوائها ومصالحها، وما قضية ازدواج الجنسية إلا خير دليل، فعلى الرغم من بساطة حل هذه القضية إذا وضعت في إطارها القانوني، كونها حالة مخالفة لقانون الجنسية والمادة (11) منه تحديداً، وإذا مارست الحكومة ووزارة الداخلية الدور المطلوب منهما، فإنهما كالعادة ركنا إلى النوم في العسل وباتا كالزوج المخدوع آخر من يعلم وآخر من يتصرف، بينما وجدها "بعض مَن في قلوبهم مرض" فرصة للانتقاص من أبناء القبائل وصلت إلى حد التشكيك في الولاء والانتماء للوطن ممن لا يملك هذا الحق... فلا هو بالمؤهل قانونياً ولا تعينه سيرته الذاتية أن يوزع صكوك الولاء والانتماء على من يحب وحرمان من يكره.

حماية النسيج الاجتماعي وتحقيق الوحدة الوطنية، كما يحلم الأستاذ سامي النصف ونحن معه، يتعديان استحقاقاتهما المطالبة بالحل السطحي المتمثل في إلغاء اسم القبيلة من الوثائق الرسمية، فالأجدر أن نطالب بسيادة القانون وتطبيقه على الجميع، وأن نتخلى عن مفهوم "هذا ولدنا" لنكون جميعا أولاد الكويت، ولنطالب بإلغاء "درجات" الجنسية فليس من المنطق أن نكون أبناء وطن واحد يفترض أن نتساوى في الحقوق والواجبات بينما هناك كويتي "بالتأسيس" وآخر "بالتجنيس"، وكويتي "مادة أولى"، وكويتي "ماده ثامنة"!

فلنطالب إذن بتساوي الفرص للجميع بعيداً عن الانتماء الفئوي والمناطقي، فليس من المنطق أن يكون هناك من خُلق ليحصل على  "كل شيء" وآخر خُلق ليكتفي "بأى شيء".

الأستاذ سامي النصف يريدنا أن نكتفي باسمين مثل "جون سميث" كما يحدث في الولايات المتحدة؛ ولا أعتقد أن الأستاذ سامي بفطنته المعهودة يغيب عن باله أن "الإخوة" هناك وصلوا إلى مجرد حالة الاكتفاء بالاسمين فقط، بل وصلوا إليها بعد أن آمنوا بسيادة القانون على الجميع، وأن المواطنة "مسطرة" واحدة، مما أتاح "للطرثوث" باراك حسين أوباما أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة، ولم يخلق ذلك حالة من الإحباط "لعيال بطنها" من أهل تكساس.

back to top