بلاغة شف الخوصصة


نشر في 29-04-2010
آخر تحديث 29-04-2010 | 00:01
 حسين العتيبي يطلق الإخوة في الدول المغاربية (المغرب ـ الجزائر ـ تونس) لفظ الخوصصة بدلاً من الخصخصة، حتى إنهم استحدثوا وزارة باسم وزارة شؤون الخوصصة مع فورة وثورة الدعوة العالمية إلى التخصيص privatization.

أما حالتنا فهي حالة معكوسة فقد بدأنا بالقطاع الخاص ثم تحولنا إلى القطاع العام، وها نحن أمام دعوة إلى العودة مرة أخرى إلى الخاص. حين تأسست الخطوط الجوية الكويتية كانت شركة مملوكة للقطاع الخاص، كذلك شركة ناقلات النفط الكويتية، وشركة البترول الوطنية الكويتية، وتم تأميم هذه الشركات في أول السبعينيات وأصبحت قطاعاً عاماً حين تبنّت الدولة آنذاك منهج الاشتراكية الرأسمالية!
الآن، نحن أمام ضجة كبرى حول مشروع الخصخصة أو «الخوصصة»، فهناك قلق من أن تبيع الدولة أصولها وقطاعاتها المدرة والمربحة إلى القطاع الخاص، وهناك تخوف على القطاع النفطي وجدال حول دستورية ملكية القطاع الخاص لبعض أنشطته من عدمها... وهناك توجس من أن يتحول قطاع الكهرباء والمياه إلى الخاص فترتفع أسعاره لتغطية كلفة إنتاجه... وتنسحب الحالة على الصحة والتعليم... «علماً بأن القانون قد حدد ذلك بوضوح بحيث لا يمكن العبث بأسعار هذه الخدمات»، وهناك مَن يحارب «الخوصصة»، لأنها تقوم على الإنتاجية، وهو ما لا يتماشى والعقلية التي ترى أن الوظيفة العامة حق مكتسب وإن لم يعمل الموظف، ومنهم من يعتقد أنها (الخوصصة) إثراء للتجار وتبديد لمقدرات البلاد وثرواتها على فئة محدودة من الناس، ومنهم من يرى أنه لا يجوز خصخصة القطاعات الحيوية وترك مصيرها بيد قلة من الناس يتحكمون في مصير المواطنين... فيقطعون الكهرباء ويحجبون المياه... وسيتوقف العلاج ويتعقد التعليم إلى آخر تلك الهواجس.

وحقيقة الأمر أن الخصخصة (الخوصصة) ليست كذلك، فهي تجويد لإنتاجية هذه القطاعات وارتقاء بالخدمات التي تُقدَّم... فما العيب مثلاً في خدمات الاتصالات المملوكة لثلاث شركات؟ ومثلاً نجد في كل دول الخليج وزارات للكهرباء والماء لكن هذه الخدمة تقدمها شركات متخصصة ليس لديها مئات الملايين من الديون المستحقة والتي لم تُحصّل... وما العائق في أن يكون التأمين الصحي إلزامياً على الكويتيين مثل غيرهم، ويكون في كل محافظة مستشفى حكومي مثل باقي الدول المتقدمة؟ 
لسنا من دعاة إثراء التجار، لكننا لسنا مع الداعين إلى تفليسهم، والخصخصة هي المخرج الوحيد للسيطرة على الباب الأول في الميزانية (باب الأجور والرواتب) الذي بدأ بأكل الأخضر واليابس واستحوذ على الجزء الأكبر من عائدات النفط.

... أطرف ما سمعت من الاقتراحات لمَن يعارضون مشروع قانون الخصخصة هو اشتراطهم أن تكون أسهم المواطنين في الشركات المنبثقة من القانون أسهماً مجانية، وبدلاً من أن يعود ريع التخصيص أموالاً إلى خزينة الدولة يريدونه عبئاً جديداً على الخزينة.

ومتى ما أُقرّ القانون فإننا نقترح إنشاء وزارة خاصة للخوصصة تيمناً بالطريقة المغاربية ولفتح الباب لتعيين عشرين وكيلاً مساعداً!!

back to top