مذكرات الدكتور والنقاد

نشر في 12-10-2008
آخر تحديث 12-10-2008 | 00:00
 سعود راشد العنزي ليس غريباً أن يتهافت «النقاد» هجوماً على الدكتور أحمد الخطيب بعد محاولة توثيقه الأحداث كما رآها وعايشها، وكان في معظمها أحد العناصر الفاعلة في حدوثها.

لم تأتِ الهجمة على الدكتور الخطيب فحسب، بل على تاريخ الحركة الوطنية التي عاشها وأثّر فيها هو ورفاقه الذين لم يفقدوا بوصلتهم حتى الآن أيضا، هذا الهجوم معروفة أهدافه ومعروف من يقف وراءه، ممّن يتصيدون الهفوات ليشوّهوا تاريخ الخطيب والحركة الوطنية جمعاء، لأنهم «المهاجمين» خصوم لهذا الخط وما يمثله، وتاريخهم لا يحوي سوى ما سجلوه لمعازيبهم من مواقف ضد الخطيب وصحبه.

أراد الدكتور أن يحفّز الناس على المساهمة في كتابة هذا التاريخ خشية أن يطويه النسيان، ويقوم الكُتّاب إياهم، آنذاك، بكتابته على طريقة «اللي إنت عايزه حضرتك» وتفصيل التاريخ حسب أهواء معازيبهم أو حسب مصالحهم.

كان من المفترض أن تثير محاولة الدكتور هذه موجات من النقد بين من عاشوا تلك الأحداث كي يكملوا الصورة، فالرجل لم يدّعِ أنه رصد الأحداث بشكل موضوعي وعلمي، بل كرّر كثيراً أنه يسجّل ما يتذكره من هذه الأحداث وتفاصيلها، منتظراً من لديه معلومات أدقّ أو تفاصيل أكثر أن يساهم ويكتب وينتقد ويعدّل ويضيف إلى ما أورده.

لكن المؤسف أن بعض الذين تحفّزوا للرد على ما نُشر من ذكريات الدكتور لديهم أجندتهم الخاصة كما أسلفت، بينما كتب البعض منطلقاً من رؤيته لتلك الأحداث من منظوره الشخصي.

فقد كتب الزميل حسن الموسوي مقالاً تعرّض فيه إلى موقف الدكتور من أحداث مسجد شعبان في بداية الثمانينيات، محاولاً نسف رواية الدكتور، وتحديداً في ما يتعلق بالجانب الطائفي، فقد قال الدكتور إن ذهابه إلى المسجد وإلقاءه كلمة فيه خفّفت من الاحتقان الطائفي الذي كان يمكن أن ينتج عنه ما لا يحمد عقباه لو تمكن الراغبون في التصعيد من دفع الحضور إلى التظاهر، والاصطدام مع القوات التي كانت تحاصر المسجد.

الزميل أنكر على الدكتور ما فعله رغم أن أغلب من عاصروا تلك الفترة ممّن هم خارج دائرة «المسجد ومنظمي اللقاءات فيه» كانوا يخشون من الانقسام الطائفي الناتج عن تلك الأحداث، أي أن الأمر ليس متوقفاً على مدى طائفية ما طُرح في المسجد من موضوعات، بل على ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في حال تصاعَدَ التوتر واحتقن المتوترون من الجانبين.

لا أعلم مدى مشاركة الزميل الموسوي في تلك الأحداث، ولكني أعلم أن الدكتور الخطيب تعرّض لحملة شعواء من قبل خصومه في الحكم والحكومة، ومن غيرهم بسبب موقفه الوطني، وخسر وصحبه انتخابات «81» بسبب ذلك، بينما حاول، ولايزال، سواء بشكل مباشر أو عن طريق زملائنا في العمل الوطني ممن على صلة بمنظمي ندوات المسجد، أقول حاول، ولايزال يحاول، الحصول على نسخة من الشريط كي يعلم الناس ما قاله بشكل صحيح، وليس حسب روايات الخصوم، لكن أحداً من المنظمين لم يتقدم لإعطاء الدكتور تلك النسخة، وأتمنى على الزميل الموسوي ومن يقرأ هذه المقالة من منظمي الندوات في مسجد شعبان أن يتكرّموا علينا بها، وأنا على يقين أنها بحوزتهم، لعلّهم ينصفون هذا الرجل بدلاً من محاولة ذكر بعض الحقائق بشكل مبتسر.

أكرر أن الدكتور سيكون ممتناً لو أن أحداً ساهم في إضافة معلومات بشأن تلك الأحداث لتوثيقها، فهو لم يدّعِ أنّ ما قاله يشمل كل التفاصيل، بل ليس من المطلوب أن يورد الدكتور في كتابه الشامل التفاصيل الدقيقة لكل الأحداث.

يبقى أن يساهم كثيرون ممن لديهم ملاحظات بشأن تواريخ بعض الأحداث أو الأشخاص المساهمين فيها، وما دار من أحداث حولها، وألا يكتفي هؤلاء بالنقد السلبي على شاكلة «ياليت الدكتور قال كذا أو كذا»، بل أظن أن كتابة تعليقاتهم ونشرها أو تقديمها للدكتور سيكون لها عميق الأثر على النسخة الأخيرة للكتاب الذي ينتظره الكثيرون.

back to top