وما ذنب أعرابية!!

نشر في 16-05-2008
آخر تحديث 16-05-2008 | 00:00
 عبدالله بن خميس هذه بنت صنيتان بن راجح شيخ البدّارين من حرب، ذات جمال وكمال، زوّجها أبوها من ابن نيف من بين علي (حرب) اهالي العوالي في المدينة المنورة، وهو معروف بالكرم والمروءة والشمم، فأنزلها في قصره واغدق عليها من العطاء، وعاشت لديه زمنا في بلهنية وخفض عيش وطيب اقامة... الا ان البدوية لا تلتذ بالحضر، ولا يطيب لها ان يغلق عليها باب تقيم خلفه اياما واياما، لا تطرقها ناسمات الرياح، ولا ينطلق بصرها الى نهاية مداه في فضاء رحب وفلوات قفر... فتذكرت البادية، وتذكرت عيشها فيها وان كان خشنا احيانا ومتعبا دائما، الا انه لديها لذيذ، والى قلبها قريب... جلست ذات يوم امام نافذة ترى من الفضاء بقدرها، وجعلت تغني ظانّة ان زوجها لا يسمعها:

يا مل لقلب ٍكن في داخله نار

نارٍ لها بمصلفِقات الهبايب

عسى وطنهم ما تسقّيه الامطار

حطّون فيها واصبح الراس شايب

صكّوا عليه بين ضلعان واجدار

مثل الرّبيط اللي بعيد القرايب

يا من يدنّي لي من الزمل مذعار

اشقح من القعدان مشْيه نهايب

ابا تنحّر دار شبّابة النار

عمّى وابُويه ناطحين النوايب

لو كان شوقي للمواجيب صبّار

مهوب مثبورٍ يبيع الصلايب

يفرح الى جو رِبْعته له بمسيار

وان غاب وصّاهم اذا كان غايب

يارب عظْني في عشيري وباختار

قرمٍ يفك الجيش يوم الحرايب

فكانت هذه الايبات كلها في اذن زوجها... ولما كانت قد مدحته في ابياتها هذه، قال لها: «كل ما تريدنه حاصل»، فدخل بها السوق واشترى لها الجمل الذي تتمناه للذهاب عليه، واشترى معه آخر حمله بغالي المتاع والكساء والهدايا، وقال: «اذهبي لأهلك بسلامة الله، وعسى ان تلقي من يطيب لك من الازواج، والصلة التي بيني وبينكم صلة المصاهرة لن تنقطع ان شاء الله».

وليست هذه بملومة، فقبلها كثيرات من البدويات اللاتي استوبأن الحضر، فخصلن شعرهن منه، اقرأ لاخرى:

وما ذنب اعرابية ٍقذفت بها

صروف النوى من حيث لم تكُ ظنّت

تمنّت احاليب الرعاء وخيمة

بنجد ٍفلا يُقضى لها ما تمنت

اذا ذكرت ماء العذيب وبرْده

وبرد حصاه آخر الليل انّت

لها انّه بعد العشاء وانّه

سُحيرا ولولا انتاها لجُنت

back to top