ظواهرنا السلبية الناشئة ... والوثائق

نشر في 06-07-2008
آخر تحديث 06-07-2008 | 00:00
 أحمد سعود المطرود ها قد خرجت علينا وثيقة حكومية جديدة نشرتها إحدى الصحف السبت قبل الماضي، وهي الوثيقة التي وُصفت، بأنها على «درجة كبيرة من السرية» خشية تسربها، رغم تداولها في جلسة الوزراء، حسب تصريح المصدر.

وقد وصفت الوثيقة الممارسات من قبل بعضهم بـ«الظواهر السلبية الناشئة»، لتصبح ممارسة الحريات والتعبير عن الرأي منضويين تحت بند الظواهر السلبية الجديدة.

وجاء رد فعل الحكومة مدهشاً، حيث ورد نفيها بعد يومين من نشر الوثيقة من قبل وزير الإعلام الشيخ صباح الخالد، الذي قال إنها: «عارية عن الصحة، ولم أسمع بها»، وهو تصريح غير موفق، إذ كيف له أن ينفي أمراً لم يسمع ولم يقرأ عنه، إلا إذا كان قد غاب عن حضور الجلسة الوزارية.

عموماً، سواء نفت الحكومة أم لم تنفِ تلك الوثيقة، فإن هناك علامة استفهام كبيرة لابد من التوقف عندها لتحليل ماذا تعني تلك الوثيقة سوى أنها جاءت من أجل تكميم الأفواه وتقييد للحريات؟ وما السر في ذلك التزامن بين صدور وثيقة الدواوين وتلك الوثيقة الحكومية الجديدة المزعومة؟ وما رد فعل مَن يدعون الديمقراطية والدفاع عن الحريات والالتزام بمبادئ الدستور؟

فقبل أيام، في بداية الشهر الماضي، ظهرت علينا ما أطلق عليها (وثيقة دواوين «أهل الكويت»)، غير أننا سرعان ما شهدنا، بعد أن «طبّل» لها عدد قليل ممَن يدعون الديمقراطية والأقلام الحرة، كيف تساقط موقعوها الواحد تلو الآخر. ولاشك أن الوثيقة المزعومة الجديدة ما هي إلا حلقة من سلسلة وثائق ذات طابع حكومي تصدر من آن لآخر، غير أن مصيرها سيكون حتما هو السقوط والانزلاق مثل سابقتها.

ولنا هنا وقفة مع بعض ما جاء في الوثيقة الجديدة، حيث تطالب فقرات منها بـ: «التشدد في الجهات الحكومية لمنع إصدار الأذون للموظفين العموميين بالاشتغال في الصحافة، تطبيقا للحظر المنصوص عليه في قانون الخدمة المدنية رقم (15) 1979 الذي يحظر على الموظف تأدية أعمال للغير بأجر أو من دونه، ولو في غير أوقات العمل الرسمية، إلا بإذن كتابي من الوزير».

والتساؤل المُثار الآن: هل تلك هي الحريات التي يطلبونها ويؤكدون أنهم يعملون جاهدين على ترسيخها وإعلائها في المجتمع الكويتي؟!

وتعود الوثيقة لتقول في فقرة أخرى منها: «وبذلك يكون الدستور قد فوض الدولة -ممثلة في سلطاتها المختصة- في سن القوانين واللوائح ووضعها موضع التنفيذ وبسط سلطتها لفرض احترام الحدود التي يجب على الأفراد والجماعات الالتزام بها»، وهنا نلاحظ أن الحكومة، وفق ما جاء في الوثيقة، تحاول تبرير تعسفها في منع حرية إبداء الرأي وتقيده بأنه يندرج في إطار قيامها بـ«تنفيذ القانون».

وفي مقطع آخر، حصرت الوثيقة «تفشي الفوضى» في ممارسة تلك الحقوق في عدة مواقع، من بينها الصحف والقنوات الفضائية والنقابات العمالية، وهذا يعني أن «الوثيقة» رأت في ما يقوله بعض الكتاب والصحافيين والإعلاميين بشكل عام، أنه يعكس، في حد ذاته، انتشاراً للفوضى أو مسبباً لها.

وهنا تتراجع الحكومة عن قيمها وتصريحاتها التي تشدد عليها، ليل نهار، على حرية الرأي والتعبير، ما يعني أنها بدأت تعبر عن تذمرها لقبول الرأي المعارض، ولن ترضى إلا بالرأي الموالي لها من أولئك المقربين من دوائر صناعة القرار، أما أصحاب الرأي الآخر فهم، حسب الوثيقة المثيرة للجدل، مصدر الفوضى والتوتر... وللحديث بقية.

back to top